مع جعله نفسه كذلك تجري بالنسبة إلى الله تعالى ما يجري بالنسبة إلى الموالي والعبيد وعليه فقاعدة قبح العقاب بلا بيان كما تدل على قبح العقاب بالنسبة إلى الموالي والعبيد فكذلك تدل بالنسبة إليه سبحانه وتعالى والخلق بعد ما جعل نفسه سبحانه وتعالى كواحد منهم كما لا يخفى.
الوجه الثالث :
هو ما حكي عن الشهيد الصدر من حق الطاعة بتقريب أن المولوية المطلقة الذاتية لله تعالى التي تحققت من جهة خالقيته ومنعميته ومالكيته توجب حق الطاعة المطلقة ولو في التكاليف الاحتمالية وعليه فلا يختص حق إطاعته تعالى بما يصل إلينا بالقطع بل اللازم هو الاحتياط حتى بالنسبة إلى التكاليف الاحتمالية نعم لو رخص الشارع في ذلك لا يجب الاحتياط كما لا يخفى.
وفيه أوّلا : أنا لا نسلّم ايجاب المولوية الذاتية لله تعالى لطاعته المطلقة في التكاليف الظنية والاحتمالية زائدا على الرجحان والاستحباب كما لا توجب المولوية المذكورة وجوب تداوم الذكر وعدم الغفلة عنه مع ان المناسبة بينهما والمولوية المطلقة الذاتية موجودة أيضا لأنّ مولويته تعالى دائمية ومقتضاها هو ذكره دائما وعدم الغفلة عنه تعالى.
وثانيا : إنّ ذلك على تقدير التسليم صحيح ما دام لم يجعل نفسه كأحد الموالي وأمّا مع جعله نفسه كواحد منهم يجري في حقه ما يجرى في حقهم وقد دلّ مثل قوله تعالى (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)(١) على أنّ طريقته تعالى في الاحتجاج والعذاب والعقاب ليس إلّا طريقة العقلاء من الاكتفاء بما وصل من الأوامر والنواهي فكما أنّ العقلاء لا يعذبون العبيد إلّا بوصول الخطاب وتمردهم فكذلك الله تعالى لا يعذب بدون البعث وجعل الأحكام في معرض الوصول وعليه فلا مجال لدعوى وجوب الاحتياط مع الفحص وعدم الظفر.
__________________
(١) الاسراء / ١٥.