فتحصّل أنّ المرفوع فيما لا يعلمون لا يختص بالشبهات الموضوعية بل يعم الشبهات الحكمية ولا يضرّه اختصاص سائر الفقرات بالشبهات الموضوعية كما أنّ ما لا يعلمون يعمّ الواجبات والمحرمات المجهولة والتكليفيات والوضعيات ولا وجه لتخصيصه لبعضها كما لا يخفى.
ربما يقال إنّ الحكم هو فعل صادر عن المولى وليس بفعل العباد فلا معنى لكون فعل الله تعالى ثقيلا على العباد فالثقيل هو فعل العباد لا مجرد إنشاء الوجوب الصادر من مولى الموالي وعليه فلا بد من أن يراد من الموصول في جميع الفقرات هو الفعل لا الحكم ويمكن الجواب عنه بأنّ الثقل وإن كان في الفعل ولكن يسند عرفا إلى الحكم من باب إسناد ما للمسبب إلى السبب والشاهد عليه هو تسمية الحكم بالتكليف مع أنّ ما يوجب الكلفة حقيقة هو الفعل وليس ذلك إلّا من باب سببية الحكم للكلفة فيصح أن يكون المرفوع في جميع الفقرات هو الحكم سواء كانت الشبهة موضوعية أو الحكمية.
قال في مصباح الاصول إنّ الثقل وإن كان في متعلق التكليف لا في نفسه إلّا أنّه صحّ إسناد الرفع إلى السبب بلا عناية وصحّ إسناده إلى الأثر المترتب عليه فصحّ ان يقال رفع الإلزام أو رفع المؤاخذة فلا مانع من إسناد الرفع إلى الحكم باعتبار كونه سببا لوقوع المكلف في كلفة وثقل. (١)
تنبيهات حديث الرفع
التنبيه الأول :
أنّ الرفع في حديث الرفع حيث إنّه رفع عن الامة يكون ظاهرا في رفع الثقل عنهم ورفع الثقل مما يصلح للامتنان والسبب في هذا الرفع هو العناوين العارضة المذكورة في الحديث من الجهل والخطأ والنسيان والإكراه والاضطرار وعدم الطاقة والمرفوع هو الأحكام الثابتة في موارد عروض هذه العناوين.
__________________
(١) مصباح الاصول ٢ : ٢٦٢.