يرتكبه بعض النفوس بدواع أخر. وبالجملة أن العمدة هو منع الصغرى ، وأما الكبرى فهي ثابتة في الجملة.
الوجه الثاني :
أنّه لو لم يؤخذ بالظن لزم ترجيح المرجوح على الراجح ، وهو قبيح ، وعليه فيجب الأخذ بالظن المطلق ، وهذا هو معنى حجية الظن.
ربما يجاب عنه بمنع الكبرى بدعوى أنه ليس ترجيح المرجوح على الراجح قبيحا ؛ لأنّ المرجوح قد يوافق الاحتياط ، فالأخذ بالمرجوح حينئذ حسن عقلا ، وليس بقبيح.
أجاب عنه شيخنا الأعظم قدسسره بأنّ المرجوح المطابق للاحتياط ليس العمل به ترجيحا للمرجوح ، بل هو جمع في العمل بين الراجح والمرجوح ، مثلا إذا ظنّ عدم وجوب شيء وكان وجوبه مرجوحا فحينئذ الاتيان به من باب الاحتياط ليس طرحا للراجح في العمل ؛ لأنّ الاتيان لا ينافي عدم الوجوب. (١)
فالأولى هو أن يجاب عنه بمنع الصغرى ؛ إذ كبرى قبح ترجيح المرجوح على الراجح واضحة ولا مجال لإنكارها.
فنقول : انّ الاستدلال بذلك إن كان في صورة الانفتاح كما هو محلّ الكلام في هذا المقام فلا دوران حينئذ ؛ لأنّ بعد قيام العلم أو العلمي بالنسبة الى الأحكام الواقعية ينحل العلم الاجمالي بالأحكام في موارد العلم والعلمي ، ولا علم بوجودها بين مورد الظن وبين طرفه من الشك والوهم حتى يقال لزم الأخذ بالظن لئلا يلزم ترجيح المرجوح على الراجح ، وحينئذ فمع عدم العلم بوجود الأحكام الشرعية بين الظن وطرفه من الشك والوهم يرجع الى البراءة العقلية أو الشرعية في جميع الاطراف ، ولا يلزم منه ترجيح المرجوح على الراجح ؛ لان نسبة البراءة الى جميع الاطراف متساوية.
وإن كان الاستدلال بذلك في صورة الانسداد ولزوم الأخذ بالظن أو طرفه من الشك والوهم دار الأمر بين ترجيح الظن وترجيح طرفه ، ولكنه يتوقف على تمامية مقدمات
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ١١٠.