ناحية المولى يكشف عن عدم وجود الغرض اللزومي فلا يجب رعاية الأغراض المحتملة لعدم لزومها ولكن هذا صحيح فيما إذا لم نحتمل أن عدم التكليف من ناحية وجود الموانع كما لا يخفى. (١)
الوجه الرابع :
ما حكاه بعض الأعلام عن سيدنا الاستاذ المحقق الداماد قدسسره من أن الاحتمال كالعلم منجز فيما إذا لم يتمكن المولى من البيان ألا ترى صحة احتجاج المولى على عبده بالاحتمال عند عدم تمكنه من البيان كما إذا منع من التكلم فلا يقبح المؤاخذة حينئذ بالاحتمال لأنه في حكم البيان في هذه الحال ومعه لا يبقى موضوع لقاعدة قبح العقاب بلا بيان كما لا موضوع له عند العلم بالخطاب أو المراد وعليه فالبراءة العقلية ممنوعة.
وقد أورد عليه بعض الأعلام بأن هذا صحيح إذا علمنا بأن المولى عند ارتفاع المانع أمر أو نهى وأما إذا لم نعلم بذلك بل احتملنا انه لا يأمر ولا ينهى من جهة مزاحمة مفسدة أو مصلحة فلا يكفى الاحتمال المذكور لوجوب الاحتياط عند الاحتمال فالأولى أن يقال في تقريب وجوب الاحتياط عقلا ومنع البراءة العقلية أنه لا شك في أن العبد احتاط عند احتمال الإلزاميات في أمور نفسه ألا ترى أنه عند العطش واحتمال وجود الماء في مكان يسعى في طلبه لئلا يهلك من العطش ولم يترك الطلب والاحتياط.
فإذا كان العبد في أمور نفسه كذلك فالالتزام بالاحتياط في أمور المولى واجب بالأولوية إذ ليس أمر اطاعته سبحانه وتعالى أدون من أغراض نفسه وهذا الوجه غير الوجه الذى ذكره الشهيد الصدر لإثبات حق الطاعة فلا تغفل.
ولقائل أن يقول إنا لا نسلم ذلك في احتمال الإلزاميات بالنسبة إلى الامور الشخصية إلّا فيما يكون ترك الاحتياط فيه موجبا للهلاكة فالدليل المذكور اخص من المدعى.
اللهمّ إلّا أن يقال : بلزوم الاحتياط في مطلق الإلزاميات ما لم يتزاحم بما يوجب الترخيص دفعا لاحتمال الضرر هذا مضافا إلى أن ذلك صحيح فيما إذا لم يجعل المولى نفسه
__________________
(١) راجع پژوهش هاي اصولي ١ : ٢٥.