باطل وكل ذلك يقتضى أن يكون المراد المخالفة بنحو التباين للعلم بصدور المخالف عنهم بغير هذا النحو في ضمن أخبار متواترة. (١)
أدلّة المثبتين :
استدل المجوزون للعمل بخبر الواحد بالأدلّة الأربعة :
١ ـ أمّا الكتاب فبآيات :
منها : قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ). (٢)
والمحكي في وجه الاستدلال بالآية الكريمة وجوه :
الوجه الأوّل :
هو الاستدلال بمفهوم الشرط بتقريب أنّه سبحانه وتعالى علّق وجوب التبيّن عن الخبر على مجيء الفاسق ، فينتفي عند انتفائه عملا بمفهوم الشرط ، وإذا لم يجب التثبت عند مجيء غير الفاسق فاذا يجب القبول ، وهو المطلوب ، أو الردّ وهو باطل.
أورد عليه شيخنا الأعظم قدسسره بأنّ مفهوم الشرط عدم مجيء الفاسق بالنبإ ، وعدم التبين هنا لأجل عدم ما يتبيّن ، فالجملة الشرطية هنا مسوقة لبيان تحقق الموضوع ، كما في قول القائل إن رزقت ولدا فاختنه وإن ركب زيد فخذ ركابه وإن قدم من السفر فاستقبله وإن تزوجت فلا تضيّع حق زوجتك وإذا قرأت الدرس فاحفظه قال سبحانه : (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها) إلى غير ذلك مما لا يحصى. (٣)
فكما انه لا مفهوم للامثلة المذكورة ، فان الختان مثلا عند انتفاء رزق الولد منتف بانتفاء
__________________
(١) المحاضرات لسيدنا الاستاذ المحقق الداماد ٢ / ١٢٤ ـ ١٢٥
(٢) الحجرات / ٦.
(٣) فرائد الأصول : ص ٧٢.