حجيّة قول اللغويين
نسب إلى المشهور حجيّة قول اللغوييّن بالخصوص في تعيين الأوضاع وتشخيص الحقائق عن المجازات وتعيين الظهورات مع أنّ آرائهم تفيد الظنّ بالأوضاع أو الظهورات واستدل له باتفاق العلماء بل جميع العقلاء على الرجوع إليهم في استعلام اللغات والاستشهاد بأقوالهم في مقام الاحتجاج ولم ينكر ذلك أحد على أحد.
وأورد عليه بأنّ المتيقّن من هذا الاتفاق هو الرجوع إليهم مع اجتماع شرائط الشهادة من العدد والعدالة ونحو ذلك لا مطلقا.
ألا ترى أنّ أكثر علمائنا على اعتبار العدالة في أهل الخبرة في مسألة التقويم وغيرها. (١)
ويمكن أن يقال : الانصاف أنّ رجوع العقلاء إليهم من دون اعتبار التعدد والإخبار عن حسّ يدل على أنّ الرجوع إليهم من باب أنّهم مهرة الفنّ والخبرة لا من باب الشهادة ودعوى اعتبار العدالة في بعض موارد الرجوع إلى الخبرة كمسألة التقويم أو مسألة التقليد لا تدلّ على أنّ الرجوع إليهم من باب الشهادة بل هو شرط شرعى في بعض الموارد ويقتصر بمورده.
هذا مضافا إلى ما في الوقاية من أنّ اعتبار التعدد والعدالة في مسألة التقويم فلعلّه من جهة كون اعتمادهم فيها من باب الشهادة وهي أمر ربّما يتصرف فيها الشارع بتصرفات مختلفة ولا ارتباط بالمقام فإنّه لم يتصرف فيه الشارع إلّا بالإمضاء. (٢)
وعليه فلا يعتبر في الرجوع إلى أهل اللغة في موارد الاستعمال التعدد أو العدالة ، بل لو ثبت أنّ اللغويّين خبرة تشخيص موارد الحقيقة عن المجاز أو موارد الظهورات فلا إشكال أيضا في الرجوع إليهم لحجيّة قول أهل الخبرة في جميع العلوم والصنائع وغيرهما لأنّه أمر جرى عليه العقلاء كافة في جميع البلدان والأزمان كما لا يخفى.
__________________
(١) فرائد الاصول : / ٤٦ ، كفاية الاصول : ٢ / ٧.
(٢) الوقاية : ٥١٠.