رواية في بيان تفصيلها ؛ فإنّ الاكتفاء بالآية في هذا المقام مع حلول وقت العمل يكشف عن إرادة إطلاقها ، وإلّا لاتخذ سبيلا آخر لبيان مراده ، كما لا يخفى.
التنبيه الثاني :
أنّ اللازم بعد حجيّة ظهورات الكتاب هو إحراز كون الظاهر من الكتاب ، فما اشتبه أنّه من الكتاب أو غيره فليس بحجّة. وعليه فلو اختلفت قراءة القرآن بحيث يوجب الاختلاف في الظهور والأحكام ، مثل : يطهرن بالتشديد والتخفيف ، فإنّ قراءة التشديد ظاهرة في لزوم الاغتسال في جواز المعاشرة ، وقراءة التخفيف ظاهرة في كفاية النقاء عن الحيض في ذلك ، فلا يجوز التمسك بأحدهما لإثبات خصوص ما يكون ظاهرا فيه بعد عدم إحراز كونه من ظاهر القرآن والكتاب ، فاللازم في حجيّة ظاهر المعروفين ، فإن كانت قراءاتهم متواترة فالقرآن متواتر ، وإلّا فلا وإذن فلا محيص من القول بتواتر القراءات.
غير سديد ؛ لأنّ تواتر القرآن لا يستلزم تواتر القراءات ، إذ الاختلاف في كيفية الكلمة لا ينافي الاتفاق على أصلها ، ولهذا نجد أنّ اختلاف الرواة في بعض ألفاظ قصائد المبتني مثلا لا يصادم تواتر القصيدة عنه وثبوتها له.
على أنّ الواصل إلينا بتوسط القرّاء إنّما هو خصوصيات قراءاتهم ، وأمّا أصل القرآن فهو واصل إلينا بالتواتر بين المسلمين وبنقل الخلف عن السلف وحفظهم لذلك في صدورهم وفي كتاباتهم ، ولا دخل للقرّاء في ذلك أصلا ، ولذلك كان القرآن ثابت التواتر حتى لو فرضنا أنّ هؤلاء القرّاء السبعة أو العشرة لم يكونوا : موجودين أصلا ، عظمة القرآن أرقى من أن يتوقف على نقل اولئك النفر المحصورين ... إلى أن قال : فالمادّة متواترة وإن اختلف في هيئتها أو في إعرابها ، واحدى الكيفيات من القرآن قطعا وإن لم تعلم بخصوصها.
وعلى الجملة تواتر القرآن لا يستلزم تواتر القراءات وقد اعترف بذلك الزرقانى حيث قال : يبالغ بعضهم في الإشادة (١) بالقراءات السبع ، ويقول من زعم أنّ القراءات السبع لا يلزم فيها التواتر فقوله كفر لأنّه يؤدي إلى عدم تواتر القرآن جملة.
__________________
(١) الاشادة لعله من اشاد بذكره أي رفعه بالثناء عليه.