ولكن يرد عليه انه لا وجه لتخصيص التعبد بقول العدول مع أن عنوان الثقة أعم منه ، هذا مضافا الى أن لازمه هو القول بالانسداد ؛ فان كثيرا من الموارد لا تكون الروات عدولا ، كما لا يخفى. فمع اختصاص التعبد بالعدول يحصل الانسداد ، وهو كما ترى.
فتحصّل : أن مفاد الاخبار هو اعتبار قول الثقة تعبدا لا الارشاد الى بناء العقلاء واعتبار الوثوق النوعي بمؤدى الخبر ، فلا تغفل.
التنبيه الثاني :
أنّ مما استدل به الشيخ الأعظم قدسسره لحجية أخبار الثقات هو استقرار سيرة المسلمين طرّا على استفادة الأحكام الشرعية من أخبار الثقات المتوسطة بينهم وبين الامام عليهالسلام أو المجتهد ، أترى أنّ المقلدين يتوقفون في العمل بما يخبرهم الثقة عن المجتهد أو الزوجة تتوقف فيما يحكيها زوجها عن المجتهد في مسائل حيضها وما يتعلق بها الى أنّ يعلموا من المجتهد تجويز العمل بالخبر الغير العلمي ، وهذا مما لا شك فيه.
ودعوى حصول القطع لهم في جميع الموارد بعيدة عن الانصاف. نعم المتيقن من ذلك حصول الاطمئنان بحيث لا يعتنى باحتمال الخلاف. (١)
اورد عليه اولا بأنّه مع اختلاف بعض العلماء في المقام مثل السيد والقاضي وابن زهرة والطبرسي وابن ادريس في جواز العمل بمطلق الخبر كيف يمكن دعوى قيام سيرة المسلمين على ذلك ؛ فانهم ومقلديهم يخالفون في العمل ، فلا يتحقق سيرة المسلمين طرا وإن لم يضر ذلك الاختلاف بقيام الاجماع الحدسي لامكان الحدس من اتفاق غيرهم.
اللهمّ إلّا أن يقال : ما من سيرة إلّا تخالفها جماعة ، ألا ترى أن السيرة على رجوع الجاهل الى العالم ومع ذلك خالف الأخباريون في ذلك. والملاك في حجية السيرة المتشرعية هي الكشف عن رأي الشارع أيضا وهو حاصل وأن خالفها جماعة ، فتأمل.
وثانيا كما في الكفاية بقوله : ولو سلّم اتفاقهم على ذلك لم يحرز أنهم اتفقوا بما هم
__________________
(١) فرائد الاصول : ٩٩ ـ ١٠٠.