مسلمون ومتدينون بهذا الدين أو بما هم عقلاء ولو لم يلزموا بدين كما هم لا يزالون يعملون بها في غير الأمور الدينية من الأمور العادية. (١)
ولكن يمكن الجواب عنه بما عرفت من أنه لا موجب لارجاع سيرة المسلمين الى سيرة العقلاء بعد ما نرى من الاختلاف بينهما في جواز العمل وعدمه في بعض الاحوال ، كحال كثرة الوسائط أو حال التعارض وترجيح أحدهما بالصفات أو بالمخالفة مع العامة أو بالموافقة مع الكتاب أو التخيير فيما اذا لم يكن مرجح ؛ فان الاختلاف المزبور شاهد على أن سيرتهم ثابتة بما هم مسلمون لا بما هم عقلاء ، فتدبّر.
وعليه فسيرة المسلمين كالأخبار في افادة حجية خبر الثقات مطلقا سواء حصل الاطمئنان النوعي أو لا. نعم لا يبعد تقييدها بما دلّت عليه أخبارنا من تقديم الثقة الامامي على الثقة العامي عند المخالفة.
نعم المستفاد من قول الشيخ قدسسره : نعم المتعين من ذلك حصول الاطمئنان بحيث لا يعتني باحتمال الخلاف هو اختصاص السيرة بمورد حصول الاطمئنان.
وقد عرفت امكان المنع عن ذلك ؛ لوجدان السيرة المتشرعة على نقل الثقات ولو لم يحصل الاطمئنان النوعي ؛ إذ لا ملازمة بين كون الراوي ثقة وأمينا وصادقا وبين الوثوق بصدور ما أخبر به ، لاحتمال الخطأ والاشتباه ، بل لاحتمال تعمد الكذب فيما اذا كان احراز وثاقة الراوي بقيام البينة أو الاكتفاء بحسن الحال.
قال الشهيد الصدر قدسسره : لا اشكال في أنّ الروايات التي بأيدينا ليس رواتها كلهم من الاجلّاء الذين لا يحتمل في حقهم تعمد الكذب ، كيف وفي الرواة من ثبت كونه وضاعا ودجالا ، كما شهد بذلك الائمة عليهمالسلام في حق بعضهم ، وشهد بذلك النقادون من علماء الرجال وكبار الطائفة ، بل أن بعض الرواة أيضا كان يتّهم بعضهم بعضا ويكذبه ، وبين القسمين طائفة منهم كانوا وسطا بين الطائفتين وهم اكثر الرواة حيث لا يعهد أنهم على تلك المرتبة
__________________
(١) الكفاية : ج ٢ ص ٩٨.