حديث احدى الجهالتين اهون
ومنها : أي من الأخبار التي استدل بها للبراءة صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج المروية في التهذيب عن أبي عبد الله عليهالسلام قال سألته عن الرجل يتزوج المرأة في عدتها بجهالة أهي ممن لا تحل له أبدا فقال لا أما إذا كان بجهالة فليتزوجها بعد ما تنقضي عدتها وقد يعذر الناس في الجهالة بما هو أعظم من ذلك فقلت بأي الجهالتين أعذر بجهالته ان يعلم ان ذلك محرم عليه أم بجهالته انها في عدة؟
فقال إحدى الجهالتين أهون من الأخرى الجهالة بأن الله حرم ذلك عليه وذلك انه لا يقدر على الاحتياط معها فقلت فهو في الأخرى معذور قال نعم إذا انقضت عدتها فهو معذور في أن يتزوجها فقلت وان كان أحدهما متعمدا والآخر بجهالة فقال الذي تعمد لا يحل له ان يرجع إلى صاحبه أبدا. (١)
وتقريب الاستدلال انّ الرواية تدل على أنّ الجهل مطلقا عذر ومقتضى كون الجهل عذرا هو انّه لا عقوبة عليه وهو المطلوب.
ويشكل ذلك أوّلا : بأن الجهل في الرواية إمّا يكون بمعنى الشك فإن كان متعلقا بالحكم التكليفي فالمعذورية تتوقف على الفحص إذ الجاهل بالحكم قبل الفحص ليس بمعذور إجماعا ولو حملنا الرواية على ما بعد الفحص فيبعد بقاء الجهل مع وضوح الحكم المذكور بين المسلمين وان كان الشك متعلقا بالموضوع فيصح الحكم بالمعذورية قبل الفحص إذا لم يعلم بكونها في العدة سابقا وأما إذا علم بكونها في العدة ولم يدر انقضائها فمقتضى استصحاب بقاء العدة عدم معذوريته وبالجملة الحكم بمعذورية الجاهل مطلقا لا يطابق القواعد المسلّمة وإمّا يكون الجهل بمعنى الغفلة فيستقيم الحكم بالمعذورية ويشهد له قوله عليهالسلام وذلك انه لا يقدر على الاحتياط معها ولكنه أجنبي عن المقام لأنّ بحث الأصولي يكون حول الشك لا الغفلة وثانيا : كما أفاده في الدرر بأن حكمه عليهالسلام بكون الجهالة بأن الله
__________________
(١) التهذيب ٧ : ٣٠٦ الباب ٢٦ باب من يحرم نكاحهن بالأسباب دون الأنساب ح ٣٢.