التكليف ، وهو لا يحصل عند العقلاء إلّا بالوصول ، وهو لا يتحقق إلّا بالعلم أو قيام الظن المعتبر عليه ، والمفروض هو العدم.
نعم لو لم نقل باستقلال العقل بقبح العقاب بلا بيان كان احتمال العقوبة في فرض الظن الغير المعتبر بالحكم موجودا ، أو معه تجري قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل ؛ ولذا قال الشيخ الأعظم قدسسره : نعم لو ادعي أن دفع الضرر المشكوك لازم توجه فيما نحن فيه الحكم بلزوم الاحتراز في صورة الظن بناء على عدم ثبوت الدليل على نفي العقاب عند الظن ، فيصير وجوده محتملا ، فيجب دفعه. (١)
وهكذا قال صاحب الكفاية : إلّا أن يقال : أن العقل وإن لم يستقل بتنجزه بمجرد الظن الغير المعتبر بالحكم بحيث يحكم باستحقاق العقوبة على مخالفته ، إلّا أنّه لا يستقل أيضا بعدم استحقاقها معه ، فيتحمل العقوبة حينئذ على المخالفة. ودعوى استقلاله بدفع الضرر المشكوك كالمظنون قريبة جدا لا سيّما اذا كان هو العقوبة الاخروية. (٢)
وعليه فمع ضميمة هذه الصغرى مع الكبرى تفيد وجوب التبعية عما ظنه المجتهد من الحكم.
ولكن دعوى عدم استقلال العقل بعدم استحقاق العقوبة مع وجود الظن الغير المعتبر مع أن التكليف غير واصل بمجرد الظن الغير المعتبر ، كما ترى. ولذا صرح الشيخ الأعظم بعد ما عرفت من عبارته بقوله : لكنه رجوع عن الاعتراف باستقلال العقل وقيام الاجماع على عدم المؤاخذة على الوجوب والتحريم المشكوكين. (٣)
كلام حول حق الطاعة
ربما يقال : إنّ حق الطاعة لله تعالى ثابت على عبيده ، وعلى هذا الاساس يحكم العقل
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ١٠٩.
(٢) الكفاية : ج ٢ ص ١١٠ ـ ١١١.
(٣) فرائد الاصول : ص ١٠٩.