بوجوب اطاعة الله ولو في موارد احتمال التكليف ، فكما أن الانسان اذا علم بتكليف من الله كان من حق الله تعالى أن يمتثله ، فكذلك اذا ظن بالتكليف أو احتمله كان من حق الله تعالى أيضا أن يأتي به ويمتثله حتى يؤدي اليه تعالى حقه. وهذا الادراك العقلي لا يختص بالتكاليف المعلومة ، بل هو موجود في المحتملات والمظنونات ما لم يرخص الشارع في ترك التحفظ والاحتياط. وعليه فالبراءة العقلية لا أصل لها ؛ لانه اذا كان حق الطاعة يشمل التكاليف المشكوكة فهو بيان رفع البيان.
فلا يكون عقاب الله للمكلف اذا خالفها قبيحا ؛ لانّ المخالف يفرط في حق مولاه بالمخالفة فيستحق العقوبة ، ومع عدم جريان قاعدة قبح العقاب فاحتمال العقوبة موجود ، ومع وجود احتمال العقوبة في المظنونات والمشكوكات يجب دفعه ؛ لقاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل أو المظنون ويتم البرهان.
ويمكن الجواب عنه بانّ المعلوم من طريقه الشارع أنه لم يتخذ في باب الامتثال طريقة غير طريقة العقلاء. ولو لا ذلك لبيّن طريقة اخرى غير طريقتهم في اطاعة الموالي. ولو بينها لشاعت ولبانت في مثل هذه المسألة التي تكون مورد الابتلاء ، والطريق العقلائي في الاطاعة والامتثال هو لزومهما عند احراز موضوعهما ، بخلاف ما اذا لم يثبت موضوعهما ، وعليه فاذا ثبت أن حق الطاعة في الموالي العرفية يختص بالتكاليف المعلومة فحق الطاعة في مورد الله سبحانه وتعالى أيضا كذلك.
ولا يوجب أو سعية حقه تعالى رفع اليد عن الطريقة العقلائية بعد عدم اتخاذ الشارع طريقه اخرى غير طريقة العقلاء في مقام الامتثال ومن المعلوم أن كبرى لزوم اطاعة الله كسائر الكبريات النقلية والشرعية تتوقف على احراز الموضوع ، وبدونه لا تنتج الحكم بلزوم الاتيان بالشيء أو الترك ، فالمحتملات لا يحرز كونها اطاعة للمولى ، ومع عدم الاحراز فلا يجب الاطاعة فيها ، واحتمال العقوبة فيها ينتفي بقاعدة قبح العقاب بلا بيان بعد اختصاص حق الطاعة بالتكاليف المعلومة بالعلم الوجداني أو العلمي عند العقلاء ؛ اذ لا