٢ ـ الإجماع
والإجماع إمّا منقول وهو داخل في الأمارات الظنيّة ، وإمّا محصّل وهو من مصاديق القطع بالحكم ، وذكره في المقام لتوقف اعتبار الإجماع المنقول على معرفة الإجماع المحصّل ، وإلّا لكان المناسب هو ذكر الإجماع المحصّل في القطع وكيف كان فتحقيق الحال يتوقف على ذكر امور :
الأمر الأوّل : في المراد من الإجماع عند العامّة
واعلم أنّ الإجماع عند العامة هو اتفاق الكلّ ، والمراد من الكلّ إما اتفاق الأمّة أو اتفاق أهل الحلّ والعقد أو المجتهدين في عصر واحد. على أمر من الامور. والإجماع على كلّ تقدير عندهم حجّة بنفسه ودليل في مقابل الكتاب والسنّة ، واستدلوا له بما روى عن النبي صلىاللهعليهوآله : أنّ أمّتي لا تجتمع على ضلالة ، فإذا رأيتم اختلافا فعليكم بالسواد الأعظم (١) ونحوه ما روي عنه صلىاللهعليهوآله أنّ الله أجاركم من ثلاث خلال : أن لا يدعو عليكم نبيّكم فتهلكوا ... وأن لا تجتمعوا على ضلالة. (٢)
أورد عليه بأنّه لا دليل على حجيّة الإجماع بنفسه ؛ إذ المروي المذكور عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ضعيف ومرسل ؛ لشهادة جملة من علمائهم بضعف أبى خلف الأعمى فى الطريق الأوّل وإرسال الثاني. هذا مضافا إلى أنّ الامّة لا تناسب إلّا اتفاق الأمّة ، فالدليل مختص بالشق الأوّل من معنى الاتفاق ، ولا يشمل غيره من الشقوق ، فتأمّل على أنّ الضلالة تستبطن الإثم والانحراف وهو أخص من الخطأ وعدم الحجيّة. (٣)
ثم لا مجال للتمسك بقوله عليهالسلام في أخبار الخاصة : فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه. (٤) فإنّه في مقام ترجيح أحد المتعارضين على الآخر ، والمقصود أنّ الخبر الذي يكون مجمعا عليه لا ريب فيه ، ولا نظر فيه إلى نفس الإجماع في قبال الكتاب والسنّة.
__________________
(١) سنن ابن ماجة ٢ : ١٢٠٣
(٢) سنن ابى داود ٤ : ٩٨.
(٣) مباحث الحجج ١ : ٣٠٨.
(٤) الوسائل الباب ٩ من ابواب صفات القاضى ، ح ١.