فيما أخبروا به ممّا كانوا فيه خبراء من دون فرق بين كون ذلك من موارد الاستعمال أو الحقيقة والمجاز أو الظّهورات المفردة أو التركيبية هذا مضافا إلى إمكان إدراج قوله في خبر الواحد الموثوق به بضميمة أصالة عدم الغفلة.
لا يقال إنّ الرّجوع إلى أهل اللّغة ليس من باب الخبروية لأنّ الرجوع إلى أهل الخبرة إنما هو في الأمور الحدسيّة التي تحتاج إلى إعمال النظر والرأي لا في الامور الحسيّة التي لا دخل للنظر والرأي فيها.
وتعيين معاني الألفاظ من قبيل الامور الحسّية لأنّ اللغوي ينقلها على ما وجده في الاستعمالات والمحاورات وعليه فيدخل إخبار اللغوي في الشهادة التي اعتبر فيها العدالة والتّعدد في مورد القضاء لأنّا نقول إنّ تخصيص الخبرة بالامور الحدسية كما ترى لأنّ الطبابة مبتنية على الحسّ والتجربة ومع ذلك لها خبراء ومهرة يعتمد عليهم وهكذا علم الرجال يبتني على ما رآه وسمع الرجالي من أحوال الأشخاص وهما من حسيّات ومع ذلك له خبراء يعتمد عليهم.
هذا مضافا إلى أنّ علم اللّغة لا يخلو عن حدس أيضا إذ اللغوي إذا رأى الاستعمالات المتكرّرة في مثل رغب عنه في معنى الإعراض ورغب فيه في معنى التّمايل حصل له الحدس بأنّ كلمة عنه بعد فعل رغب قرينة عامّة على إرادة الإعراض وهكذا في كلمة فيه بعد فعل رغب قرينة عامّة على إرادة التّمايل.
بل رأي اللّغوي كثيرا ما يكون على أساس الحدس وإعمال النظر فإنّه وإن كان رأس ماله السّماع وتتبع موارد الاستعمالات إلّا أنّه لا بدّ له أيضا أن يقارن بين موارد الاستعمالات ويجتهد في تخريج وتجريد المعاني التي يستعمل فيها اللفظ والتي تستفاد من مجموع تلك المسموعات.
وبالجملة يجوز الرجوع إلى قول اللغوي فيما يكون فيه ماهرا وخبيرا من دون فرق بين موارد الاستعمالات وتعيين الظّهورات والحقيقة والمجاز.