يكون عدم نهوض الحجة لفقدان النص أو إجماله ، بحيث يحتمل في النهي الكراهة وفي الأمر الاستحباب أو تعارض النصّين فيما إذا لم يثبت بينهما ترجيح بناء على القول بالتوقف والتساقط في مسألة تعارض النصّين فيما لم يكن ترجيح في البين.
وأمّا بناء على التخيير كما هو المشهور فالحجة المعتبرة موجودة والتكليف واضح ، وهو الأخذ بأحد النصّين ولا مجال للبراءة الشرعية والعقلية مع تمامية البيان كما لا يخفى.
وإليك أدلة البراءة في الشك في التكليف وجوبا كان أو حراما.
أدلة القائلين بالبراءة في الشك في التكليف
واستدل للبراءة في الشك في التكليف بالأدلة الأربعة.
وأمّا من الكتاب فبآيات منها قوله تعالى : (مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً). (١)
تقريب الاستدلال بالآية كما أفاده سيدنا الإمام المجاهد قدسسره هو ان يقال إنّ المتفاهم عرفا من الآية لأجل تعليق العذاب على بعث الرسول الذي هو مبلّغ لأحكامه تعالى وبمناسبة الحكم والموضوع هو انّ بعث الرسول ليس له موضوعية في إنزال العقاب بل هو طريق لإيصال التكاليف على العباد وإتمام الحجة به عليهم وليس المراد من بعث الرسول هو بعث نفس الرسول وإن لم يبلّغ احكامه فلو فرض أنّه تعالى بعث رسولا لكن لم يبلّغ الأحكام في شطر من الزمان لمصلحة أو جهة أخرى لا يصح ان يقال أنّه تعالى يعذّبهم لأنّه بعث الرسول وكذا لو بلّغ بعض الأحكام دون البعض يكون التعذيب بالنسبة إلى ما لم يبلّغ مخالفا للوعد في الآية.
وكذا لو بلّغ إلى بعض النّاس دون بعض لا يصح ان يقال إنّه يعذّب الجميع لأنّه بعث الرسول وكذا لو بلّغ جميع الأحكام في عصره ثم انقطع الوصول إلى الأعصار المتأخرة وهذا
__________________
(١) الإسراء / ١٥.