قال المحقق العراقي قدسسره : ومما ذكرنا من ورود الحديث في مقام الامتنان على الامة يظهر اختصاص المرفوع أيضا بالآثار التي لا يلزم من رفعها خلاف الإرفاق على المكلف فما لا يكون كذلك لا يشمله حديث الرفع كما في الشرائط الراجعة إلى أصل التكليف كالاستطاعة بالنسبة إلى الحج ونحوها حيث لا يجري فيها حديث الرفع لاقتضاء رفع الشرطية فيها بوضع التكليف على المكلف وهو خلاف الإرفاق في حقه بخلاف شرائط الواجب فإنّه يجري فيها حديث الرفع كما سنشير إليها. (١)
التنبيه الثاني :
أنّ الرفع في الحديث ظاهر في معناه وهو إزالة الشيء عن صفحة الوجود بعد تحصله وتفسيره بالدفع خلاف الظاهر ولا موجب لذلك فيما إذا أمكن إرادة معناه والرفع إذا أسند إلى الحكم مع قاعدة الاشتراك وعموم القانون مستعمل في معناه ويكون بمعنى إزالة لزومه في مرحلة الظاهر وقد عرفت أنّ رفع الأحكام المجهولة رفع إلزامها وهكذا في سائر الفقرات فإنّ رفع حكم مورد ما استكرهوا أو رفع حكم مورد الخطأ والنسيان مثلا هو رفع لزوم أحكام مواردها لا يقال : إنّ الخطاب لا يشمل الناسي والعاجز ونحوهما فليكن الرفع بالنسبة إليهم بمعنى الدفع لا الرفع.
لأنّا نقول نمنع ذلك بل هو بمعنى الرفع لشمول الخطابات إيّاهم بحسب الإرادة الاستعمالية لهذه الأحوال فالرفع في الموارد المذكورة يدل على رفع الأحكام الشاملة لهم بحسب الإرادة الاستعمالية نعم الرفع دفع بالنسبة إلى الإرادة الجدية كما لا يخفى.
لا يقال : إنّ الحسد والطيرة والوسوسة لا حكم لها حتى يكون الرفع بالنسبة إليها مستعملا في معناه بل اللازم أن يكون بمعنى الدفع في هذه الفقرات لأنا نقول : كما أفاد سيدنا الإمام المجاهد قدسسره انّ الفقرات الثلاث أيضا فعل من الأفعال القلبية ولأجل ذلك تقع موردا للتكليف فإنّ تمنّي زوال النعمة عن الغير فعل قلبي محرّم وقس عليه الوسوسة والطيرة
__________________
(١) نهاية الأفكار ٣ : ٢١٢.