وأمّا أحكام نفس هذه العناوين كوجوب سجدتي السهو ودية الخطأ وغير ذلك مما يترتب على نفس هذه الأمور فليست مرتفعة أصلا كما لا يخفى وعليه فالمراد من رفع الخطأ والنسيان مثلا هو رفع أحكام ما أخطئوا أو نسوا فيه لا رفع حكم الخطأ والنسيان ثم إنّ رفع الحكم بواسطة عروض هذه الأمور حيث كان امتنانيا يختص برفع كل حكم ثقيل على الأمة ولا يشمل ما لا يكون كذلك ويتفرع عليه الفرق بين فعل حرام اضطر إليه ومعاملة اضطر إليها ولذا حكموا بجريان حديث الرفع في الأول دون الثاني والوجه في ذلك أنّ رفع الحرمة في الأول امتناني دون رفع الصحة في الثاني فإنّ صحته ليست بثقيلة بل الأمر بالعكس هذا بخلاف بيع المكره فإنّ صحته ثقيلة عليه ورفع نفوذه وصحته امتناني وهكذا مقتضى كون الامتنان على الامّة أنّه لو اضطر إلى إتلاف مال الغير لا يرتفع به ضمان الإتلاف لأنّ الرفع خلاف الامتنان بالنسبة إلى المالك كما لا يخفى. لا يقال : إنّ الامتنان نكتة الحكم لا علته وعليه فلم لم يؤخذ بإطلاق حديث الرفع في غير موارد الامتنان.
لأنّا نقول إنّ ظهور الحديث في الامتنان ظهور لفظي يقتضيه ظهور الرفع عن الامة الدال على رفع الثقل عنهم وعليه فليس الامتنان مستفادا من غير الظهور اللفظي حتى يقال إنّ الامتنان حكمة الحكم لا علته بل لا يشمل حديث الرفع غير موارد الامتنان أخذا بظهور الكلام فيه فلا تغفل ومما ذكر يظهر أنّ رفع التسعة عن الامة لا يقاس برفع الضرر والضرار فإنّ الرّفع في حديث لا ضرر ولا ضرار رفع مطلق والامتنان فيه نكتة الحكم فيجيء فيه حديث شموله وعمومه بالنسبة إلى الموارد التي لا امتنان فيه وعدمه.
هذا بخلاف رفع التسعة عن الامة لما عرفت من ظهور الرفع عن الامة في رفع الثقل عنهم وهو امتنان.
ولذلك لا يشمل حديث الرفع الموارد الّتي لا امتنان في رفعها ولعلّ من هذه الموارد الشرائط الراجعة إلى أصل التكليف لأنّ رفعها يوجب وضع التكليف وهو خلاف الإرفاق.