الأخبار هذا مضافا إلى اختصاص بعض أخبار البراءة بالشبهة التحريمية.
أمكن أن يقال بتخصيص هذه الأخبار الآمرة بالاحتياط بأخبار الإباحة لأن النسبة بينهما هي العموم والخصوص ولو سلمنا أنّ النسبة بين أخبار الاحتياط وأخبار الإباحة هي العموم من وجه فمقتضى القاعدة هو التساقط والرجوع إلى قاعدة قبح العقاب بلا بيان لأنّ المفروض بعد تعارض الأخبار وسقوطها لا بيان كما لا يخفى.
وهنا وجه آخر أشار إليه في الكفاية بقوله قدسسره إنّ أخبار البراءة أظهر. (١)
ولعل وجه ذلك ظاهر لأنّ مثل كلمة «حلال» و«مطلق» و«هم في سعة» في أخبار البراءة أظهر من دلالة الأمر بالاحتياط على الوجوب فيحمل الظاهر على الأظهر ويرفع اليد عن ظهور الأمر في وجوب الاحتياط ويحمل على الرجحان الجامع بين الوجوب والندب ولو اغمضنا عما ذكر جميعا أمكن ان يقال كما في مصباح الاصول انّ أخبار الاحتياط والتوقف لا تعارض أدلة الإباحة وذلك لأن استصحاب عدم جعل الحرمة يكون رافعا لموضوع هذه الأخبار إذ به يحرز عدم التكليف وعدم العقاب فيتقدم عليها لا محالة (٢) لأن مع جريان الأصل الموضوعي لا مجال للشك حتى يتمسك فيه بأخبار الاحتياط أو أخبار التوقف لتقدم الأصل الموضوعي على الأصل الحكمي كما لا يخفى.
الطائفة الثالثة :
هي أخبار التثليث منها مقبولة عمر بن حنظلة عن الإمام الصادق عليهالسلام انّه قال في الخبرين المتعارضين ... ينظر إلى ما كان من روايتهم عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه من أصحابك فيوخذ به من حكمنا ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك فإن المجمع عليه لا ريب فيه.
وإنّما الأمور ثلاثة أمر بيّن رشده فيتبع وأمر بيّن غيّه فيجتنب وأمر مشكل يرد علمه إلى
__________________
(١) الكفاية ٢ : ١٨٤.
(٢) مصباح الاصول ٢ : ٣٠٢.