ومع الغمض عما في سنده والاكتفاء بنقل الشيخ المفيد في وثاقة علي بن محمّد الكاتب كما ذهب إليه شيخنا الأعظم وعبر عنه بالصحيح أمكن الجواب عنه بما أفاده الشيخ الأعظم من أن المراد ان أي مرتبة من الاحتياط شئتها فهي في محلها وليس هنا مرتبة من الاحتياط لا يستحسن بالنسبة إلى الدين لأنه بمنزلة الأخ الذي هو لك وليس بمنزلة ساير الأمور لا يستحسن فيها بعض مراتب الاحتياط كالمال وما عدا الأخ من الرجال فهو بمنزلة قوله فاتقوا الله ما استطعتم (١) فهو أمر بأعلى مراتب الاحتياط في جميع الأمور ومن المعلوم أنه لا يدل على الوجوب بل يناسب الرجحان والاستحباب.
ومما ذكر يظهر الجواب عن الاستدلال بالمرسلات المحكيّة عن الشهيد سل العلماء ما جهلت وإيّاك أن تسألهم تعنّتا وتجربة وإيّاك أن تعمل برأيك شيئا وخذ بالاحتياط في جميع امورك ما تجد إليه سبيلا واهرب من الفتيا هربك من الأسد ولا تجعل رقبتك عتبة للناس. (٢)
وقال الصادق عليهالسلام لك أن تنظر الحزم وتأخذ بالحائطة لدينك. (٣)
وذلك لأنها مضافا إلى ضعفها بالإرسال تدل على وظيفة أخلاقية لأنّ الاحتياط في جميع الأمور لا يناسب الوجوب كما أنّ النهي عن الفتيا والتحذير عنها لأنها مسئولية وتضمين لأعمال الناس يدل على لزوم المراقبة وهو أمر يلتزم به المجتهدون شكر الله مساعيهم الجميلة ثم قوله لك ان تنظر الخ لا يدل على الوجوب إذ جعل الاحتياط باختيار المكلف وكونه نافعا له لا يدل على أزيد من استحباب الاحتياط.
هذا مضافا إلى أنه لو سلم دلالة هذه الأخبار الآمرة بالاحتياط على وجوبه فحيث إنّ أدلة الإباحة أخصّ منها لاختصاصها بالشبهة الحكمية بعد الفحص ولا تعم الشبهة قبل الفحص بخلاف هذه الأخبار وهكذا لا تعمّ الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي بخلاف هذه
__________________
(١) فرائد الاصول : ٢١١.
(٢) الوسائل الباب ١٢ من صفات القاضي ح ٥٤.
(٣) الوسائل الباب ١٢ ح ٥٨.