الاذهان عن ما ارتكز فيها لا يحصل بغير هذا الوجه. ولا يمكن الاكتفاء في تبليغه بعموم واطلاق ، فيلزم على تقدير الاكتفاء في بيانه بهما اغراء عامة الناس بالقبيح ... الى أن قال : فعدم الرادع في مقام الاثبات يصير دليلا على عدمه في مقام الثبوت. (١)
ودعوى : أن المسلم هو حجية خبر الثقة ، وإلّا فمجرد الوثوق بصدوره إذا كان الراوي غير ثقة غير معلوم الحجية لو لم يكن معلوم العدم ، أترى أنّه إذا حصل الثقة بصدق الخبر من طريق الرؤيا مثلا فهذا الخبر حجة عند العقلاء كلّا! ومن الواضح أنّ موضوع الأخبار هو كون راوي الخبر ثقة ، وجعله طريقا الى الثقة بالصدور لو كان فانما هو بالغاء الخصوصية العقلائية ، ولا يوافق عليها العقلاء هنا ، بل هم يرون خبر الثقة حجة. (٢)
مندفعة : بما عرفت من وجود البناء على حجية الوثوق والاطمئنان النوعي بالصدور من دون حاجة الى الغاء الخصوصية في الأخبار ، ويشهد له صحة الاحتجاجات المذكورة. ولا ملازمة بين وجود البناء على حجية الوثوق النوعي والاطمئنان بالصدور في المرتكزات العرفية وبين حجية الوثوق الحاصل بالرؤيا ؛ لأنّ الحجية تابعة لوجود البناء ، فاذا علمنا به في المرتكزات دون الحاصل بالرؤيا اختصت الحجية بالمرتكزات العرفية دون الرؤيا ، فلا تغفل.
ثم لا فرق في حجيّة الوثوق النوعي بالصدور بين أسبابه من عمل المشهور وغيره ؛ فان المعيار هو المسبب ، وهو الوثوق النوعي ، فلا ضير في انّ الشهرة العملية في نفسها ليست بحجة ؛ فانها إذا أوجبت الوثوق النوعي بالصدور كان الوثوق النوعي حجة عقلائية ، فيؤخذ بالوثوق النوعي ، لا بالشهرة العملية ، كما لا يخفى.
التنبيه السادس :
في انجبار الخبر الضعيف بعمل المشهور :
ولا يذهب عليك أن عمل الاصحاب بالخبر الضعيف يوجب الوثوق بالصدور ، كما أن
__________________
(١) اصول الفقه : ج ١ ص ٦٢٠ ـ ٦٢٣.
(٢) تسديد الاصول : ج ٢ ص ٩٨.