اعراضهم عن العمل بالخبر يكشف عن اختلاله بشرط أن لا يكون الاعراض اجتهاديا ، وإلّا فلا يكشف عن شيء ، كما لا يخفى.
ولقد أفاد وأجاد المحقق النائيني قدسسره فيما حكي عنه من أن الخبر الضعيف المنجبر بعمل المشهور حجة بمقتضى منطوق آية النبأ ؛ إذ مفاده حجية خبر الفاسق مع التبيّن ، وعمل المشهور من التبين. (١)
ودعوى : أن الخبر الضعيف لا يكون حجة في نفسه على الفرض وكذلك عمل او فتوى المشهور غير حجة على الفرض أيضا ، وانضمام غير الحجة الى غير الحجة لا يوجب الحجية ؛ فانّ انضمام العدم الى العدم لا ينتج إلّا العدم.
والقول بانّ عمل المشهور بخبر ضعيف توثيق عملي للمخبر فيثبت به كونه ثقة فيدخل في موضوع الحجية ، مدفوع بانّ العمل مجمل لا يعلم وجهه ، فيحتمل أن يكون عملهم به لما ظهر لهم من صدق الخبر ومطابقته للواقع بحسب نظرهم واجتهادهم لا لكون المخبر ثقة عندهم ، فالعمل بخبر ضعيف لا يدل على توثيق المخبر به ، ولا سيما إذا لم يعملوا بخبر آخر من نفس هذا المخبر. هذا كله من حيث الكبرى وأن عمل المشهور موجب لانجبار ضعف الخبر أم لا.
وأمّا الصغرى ـ وهي استناد المشهور الى الخبر الضعيف في مقام العمل والفتوى ـ فاثباتها اشكل من اثبات الكبرى ؛ لانّ مراد القائلين بالانجبار هو الانجبار بعمل قدماء الأصحاب باعتبار قرب عهدهم بزمان المعصوم ، والقدماء لم يتعرضوا للاستدلال في كتبهم ليعلم استنادهم الى الخبر الضعيف ، وانّما المذكور في كتبهم مجرد الفتوى ، والمتعرض للاستدلال انّما هو الشيخ الطوسي رحمهالله في المبسوط وتبعه من تأخّر عنه في ذلك دون من تقدّمه من الأصحاب ، فمن أين يستكشف عمل قدماء الأصحاب بخبر ضعيف واستنادهم اليه؟! غاية الامر أنا نجد فتوى منهم مطابقة لخبر ضعيف ، ومجرد المطابقة لا يدل
__________________
(١) مصباح الاصول : ج ٢ ص ٢٠١.