الحجة ، واصابة القوم بجهالة فيما اذا لم يكن مع الحجة.
فمع عدم صدق الجهالة في موارد الطرق الظنية التي تقوم الادلة القطعية على اعتبارها كظاهر الآية الدالة على المفهوم ـ الذي يدل على اعتبار الظواهر ـ لا مجال لترتب الندم على العمل بها ؛ فان موضوعه هو الاصابة بالجهالة ، والمفروض هو عدم صدقها بالعمل بالطرق التي تكون قطعية الاعتبار.
فهذه الآية بالتقريب الذي عرفته تدل على حجية خبر غير الفاسق في خبره بناء على دلالة القضية الشرطية على المفهوم أو قيام القرينة على كون الآية في مقام بيان المنطوق والمفهوم ، قال سيدنا الاستاذ المحقق الداماد قدسسره بعد ما افاده في هذه الآية وانقدح بجميع ما ذكر دلالة الآية الشريفة على حجّيّة قول العادل وأن الاصح كونها من ادلتها والله العالم. (١)
ومنها ـ أي من جملة الآيات التي استدل بها لحجية خبر الواحد ـ قوله تعالى : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ). (٢)
وتقريبها بوجوه عديدة :
الوجه الأوّل :
ما ذهب اليه السيد المحقق البروجردي قدسسره من أن الآية الكريمة تدل على أن المؤمنين ليسوا بأجمعهم أهلا للنفر لتعلّم الدين ، فلو لا نفر من كل فرقة وقبيلة منهم طائفة ، فسياق الآية ينادي باعلى صوت الى مطلوبية الانذار والحذر ووجوبهما ؛ لظهور كلمة «لو لا» في التخصيص. وعليه فلا نحتاج في اثبات ذلك الى بيان مفاد «لعل» وأن المراد بها ليس هو الترجي الحقيقي بل مطلوبية مدخولها ونحو ذلك من التقريبات.
وبالجملة ظاهر صدر الآية كون ما امر بالنفر اليه بمثابة من الأهمية بحيث لو لا لزوم مثل
__________________
(١) المحاضرات سيدنا الاستاذ المحقق الداماد ٢ / ١٣٢.
(٢) التوبة / ١٢٢.