الأمر الثاني :
أنّ بعد ما عرفت من صحّة إسناد الرفع إلى نفس الحكم الواقعي في مرحلة الظاهر لا وجه لإسناد الرفع إلى وجوب الاحتياط كما يظهر من كلام الشيخ الأعظم قدسسره حيث قال معنى رفع أثر التحريم فيما لا يعلمون عدم إيجاب الاحتياط والتحفّظ فيه حتى يلزمه ترتب العقاب إذا أفضى ترك التحفظ إلى الوقوع في الحرام الواقعي إلى أن قال والحاصل أنّ المرتفع فيما لا يعلمون وأشباهه مما لا يشمله أدلة التكليف هو إيجاب التحفظ على وجه لا يقع في مخالفة الحرام الواقعي ويلزمه ارتفاع العقاب واستحقاقه فالمرتفع أولا وبالذات أمر مجعول فيرتب عليه ارتفاع أمر غير مجعول. (١)
ولذلك قال السيّد المحقق الخوئي قدسسره : انّ قول الشيخ الأعظم من أنّ المرفوع هو وجوب الاحتياط خلاف ظاهر الحديث فإنّ ظاهره أنّ المرفوع هو نفس ما لا يعلم وهو الحكم الواقعي لا وجوب الاحتياط وبعد كون الحكم بنفسه قابلا للرفع في مرحلة الظاهر لا وجه لارتكاب خلاف الظاهر وحمل الحديث على رفع إيجاب الاحتياط.
نعم عدم وجوب الاحتياط من لوازم رفع الحكم الواقعي في مرحلة الظاهر لأنّ الأحكام كما أنّها متضادّة في الواقع كذلك متضادّة في مقام الظاهر فكما أنّ عدم الإلزام في الواقع يستلزم الترخيص بالمعنى الأعم كذلك رفع الإلزام في الظاهر يستلزم الترخيص ظاهرا ولا يعقل وجوب الاحتياط بعد فرض الترخيص. (٢)
الأمر الثالث :
أنّ المرفوع كما عرفت هو نفس الحكم المجهول في مرحلة الظاهر وعليه فتقدير المؤاخذة أو الأثر المناسب أو جميع الآثار خلاف الظاهر ولكن ذهب جماعة إلى أنّ التقديرات المذكورة من جهة دلالة الاقتضاء بدعوى أنّ مع عدم إمكان نسبة الرفع إلى نفس ما
__________________
(١) فرائد الاصول : ١٩٧.
(٢) مصباح الاصول ٢ : ٢٥٨.