ولكن المعيار المستفاد من الاخبار المذكورة هو أن يكون الراوي ثقة في حديثه ، وهو الذي يعبر عنه بالوثوق المخبري.
تواتر ادلة اعتبار الخبر الواحد
ثم أن الظاهر من كلام صاحب الكفاية انه لم يثبت عنده التواتر المعنوي ، ولذا ذهب الى التواتر الاجمالي حيث قال : تلك الأخبار وإن كانت طوائف كثيرة ، إلّا أنه يشكل الاستدلال بها على حجية الأخبار الآحاد بانها أخبار آحاد ، فانها غير متفقة على لفظ ولا على معنى حتى تكون متواترة لفظا أو معنى ، ولكنه مندفع بأنها وأن كانت كذلك ، إلّا أنها متواترة اجمالا ؛ ضرورة انه يعلم اجمالا بصدور بعضها منهم عليهمالسلام ، وقضيته وأن كانت حجية خبر دل على حجية اخصّها مضمونا ، إلّا أنه يتعدى عنه فيما اذا كان بينها ما كان بهذه الخصوصية ، وقد دل على حجية ما كان اعم ، فافهم. (١)
وفيه انه يكفى الأخبار المذكورة في اثبات التواتر المعنوي ، على أن قول الثقة مفروغ الحجية عند السائل والمسئول عنه وسيرة الاصحاب على العمل به ولو كان المخبر من العامة أو الذين أخطئوا في اعتقاداتهم من فرق الشيعة.
ولا ينافيه اعتبار الاعدلية في الأخبار العلاجية ؛ لانها في مقام ترجيح احد المتعارضين على الآخر ، فلا وجه للاستدلال بها على اعتبار العدالة في حجية الخبر ، كما لا وجه للاستدلال بالاخبار الدالة على انه لا عذر فيما يرويه ثقاتنا على اعتبار كونه اماميا بعد تعليل الحجية بكونه الثقة المأمون في الأخبار ، هذا مضافا الى أن حجية قول الثقات من العامة مما لا يقبل الانكار.
ومما ذكرناه يظهر ما في مصباح الاصول حيث جعل الأخبار متعارضة وقال : أن النسبة بين العادل والموثوق به هي العموم من وجه ؛ اذ قد يكون الراوي عادلا غير موثوق به لكثرة
__________________
(١) الكفاية : ج ٢ ص ٩٧.