دعوى عدم اعتبار وصف العدالة في الراوي في حجية روايته وأن مدار الحجية انما كان على حيث الوثوق في نقل الرواية بنحو يضعف فيه احتمال الكذب بحيث لا يعتني به العقلاء ، وأن التعبير بالمأمونية في الدين والدنيا انما هو من جهة كونه ملزوما للوثاقة في الحديث ، لا من جهة مدخلية خصوصية المأمونية في الدين في الراوي في حجية روايته ... الى أن قال : ومن ذلك ترى بناء الاصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ على العمل بالخبر الموثوق به ولو من غير الشيعة اذا علموا بان الراوي سديد في نقل الرواية ومتحرز عن الكذب وكان ممن لا يطعن في روايته وأن كان مخطئا في اعتقاده وسالكا غير الطريقة المستقيمة التي سلكها الشيعة والفرقة المحقة ، كاخذهم بروايات حفص بن غياث وغياث بن كلوب ونوح بن دراج وغيرهم من العامة ، وكذا اخذهم بأخبار جماعة من الفطحية وغيرها كعبد الله بن بكير وسماعة بن مهران وعلي بن ابي حمزة البطائني اللعين الشقي وكتب بني فضال وغيرهم ممن عرف منهم كونهم موثقين في نقل الحديث.
وناهيك في ذلك الحديث النبوي المعروف (على اليد ما اخذت) المستدل بها في أبواب المعاملات ، مع أن من المعلوم انه لم يروه احد من رواتنا الامامية ولا كان موجودا في شيء من جوامعنا ، وانما هو مروي في كتب العامة بطرقهم المنتهية الى سمرة بن جندب الشقي عمن هو مثله ، فان ذلك شاهد صدق لما ذكرنا من أن مدار الحجية عندهم على مجرد كون الخبر موثوق الصدور عن النبي صلىاللهعليهوآله أو الائمة عليهمالسلام بنحو يضعف فيه احتمال الكذب ضعفا لا يعتني به العقلاء بنحو يعد المعتني به من الوسواسين ، لا أن مدار الحجية عندهم على عدالة الراوي.
وحينئذ فلا اشكال في دلالة تلك الأخبار على حجية خبر الموثوق به صدورا أو مضمونا ، كما يدل على الاول الترجيح بالشهرة والشذوذ وبعدالة الراوي ووثاقته ، وعلى الثاني الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامة. (١)
ولا يخفى عليك أن موثوق الصدور وأن كان حجة عند العقلاء ولم يردع عنه فى الشرع ،
__________________
(١) نهاية الافكار : ج ٣ ص ١٣٤ ـ ١٣٦.