بالتبعيض في الاحتياط دفعا لمحذور الاختلال أو العسر والحرج ، والعقل يحكم بمعذورية من أتى بالمظنونات وترك الموهومات أو المشكوكات دفعا لمحذور الاختلال أو العسر والحرج ، وهو معنى الحكومة العقلية في مقام الامتثال ، فالحكومة بهذا المعنى ثابتة. وأمّا بمعنى جعل الظن حجة عقلا أو شرعا فلا دليل له ولا تفيده مقدمات دليل الانسداد ، فتدبّر جيدا.
وعليه يسقط كثير من المباحث المتفرعة على ثبوت حجية الظن بمقدمات الانسداد ، منها : أنّ نتيجة دليل الانسداد هي حجية الظن بالواقع أو الظن بالطريق أو الأعم منهما.
التنبيه الثاني :
انّ دليل الانسداد على تقدير تمامية مقدماته مختص بالفروع ، ولا يجري في الاصول الاعتقادية ؛ لعدم جواز الاكتفاء بالظن فيما يجب معرفته عقلا ، إذ لا يصدق المعرفة على الظن ، وهذا هو مقتضى ما قرّر في بحث القطع من أنّ الامارات لا تقوم مقام القطع إذا أخذ على نحو الصفتية ولذا قال في الكفاية : لا بد من تحصيل العلم لو امكن ، ومع العجز عنه كان معذورا إن كان عن قصور لغفلة أو لغموضية المطلب مع قلة الاستعداد. (١)
ولقائل أن يقول : يجب على من لم يتمكن من المعرفة التفصيلية أن يعتقد بما هو الواقع بنحو الاجمال ، فتأمّل. هذا كله بالنسبة الى الظن المتعلق بما تجب معرفته عقلا أو شرعا.
وأمّا اذا كان الظن متعلقا بالامور الدينية التي يجب التباني وعقد القلب عليها والتسليم والانقياد لها كتفاصيل البرزخ وتفاصيل المعاد ونحو ذلك مما لا يجب تحصيل معرفتها ، وانّما الواجب عقد القلب على تقدير اخبار النبي صلىاللهعليهوآله بها.
فقد فصل السيد المحقق الخوئي قدسسره بين الظن الخاص وبين الظن العام حيث قال : فان كان الظن المتعلق بهذه الأمور من الظنون الخاصة الثابتة حجيتها بغير دليل الانسداد فهو حجة ، بمعنى أنه لا مانع من الالتزام بمتعلقه وعقد القلب عليه ؛ لانه ثابت بالتعبد الشرعي بلا فرق
__________________
(١) الكفاية : ٢ ج ص ١٥٦.