بين أن تكون الحجية بمعنى جعل الطريقية كما اخترناه أو بمعنى جعل المنجزية والمعذرية كما اختاره صاحب الكفاية (لان عقد القلب والتسليم من الواجبات التعبدية ويصح فيها التنجيز والتعذير).
وإن كان الظن من الظنون المطلقة الثابتة حجيتها بدليل الانسداد بناء على تمامية مقدمات الانسداد فلا يكون حجة ، بمعنى عدم جواز الالتزام وعقد القلب بمتعلقه ، لعدم تمامية مقدمات الانسداد في المقام ، إذ منها عدم جواز الاحتياط لاستلزامه اختلال النظام أو عدم وجوبه لكونه حرجا على المكلف ، والاحتياط في هذا النوع من الامور الاعتقادية بمكان من الامكان بلا استلزام للاختلال والحرج ؛ إذ الالتزام بما هو الواقع وعقد القلب عليه على اجماله لا يستلزم الاختلال ، ولا يكون حرجا على المكلّف.
وأمّا إذا كان الظنّ متعلّقا بالأمور التكوينية أو التاريخية فان لم يقم على اعتباره دليل خاص وهو الذي نعبر عنه بالظن المطلق فلا حجية له ، كما هو الظاهر.
(ولعل وجه الظهور أن الامور التكوينية أو التاريخية أجنبية عن الأحكام ومقام الاطاعة والامتثال ، وعليه فالظن المتعلق بها خارج عن موضوع دليل الانسداد).
وأمّا إن كان من الظنون الخاصة ، فان كانت الحجية بمعنى جعل غير العلم علما بالتعبد يكون الظن المذكور حجة باعتبار أثر واحد ، وهو جواز الإخبار بمتعلقه ؛ لأن جواز الإخبار عن الشيء منوط بالعلم به ، وقد علمنا به بالتعبد الشرعي.
وإن كانت الحجية بمعنى كونه منجزا ومعذرا فلا يعقل ذلك إلّا فيما اذا كان لمؤداه أثر شرعي ، وهو منتف في المقام ؛ إذ لا يكون أثر شرعي للموجودات الخارجية ولا للقضايا التاريخية ليكون الظن منجزا ومعذرا بالنسبة اليه.
وأما جواز الإخبار عن شيء فهو من آثار العلم به ، لا من آثار المعلوم بوجوده الواقعي ؛ ولذا لا يجوز الإخبار عن شيء مع عدم العلم به ولو كان ثابتا في الواقع.
ويتفرع عليه أنه لا يجوز الإخبار البتي بما في الروايات من الثواب على المستحبات أو الواجبات بأن نقول من صام من رجب مثلا كان له كذا ، بل لا بد من نصب قرينة دالة على