بالنحو المذكور وبين جعل الحجية وهي مسألة أصولية وأيضا الجمع بين الاستحباب النفسي وعنوان البلوغ في قوله بخلافه على الاستحباب النفسي بعنوان البلوغ مع أن عنوان البلوغ من العناوين الثانية كما ترى.
ومنها : ما ذكره السيّد الشهيد الصدر قدسسره من أنه بناء على جعل الحجية يفتي الفقيه بالاستحباب لمقلديه بينما على القول باستحباب العمل البالغ عليه الثواب فلا بد في ثبوته للمقلدين من بلوغهم ذلك وهذا الفرق ثابت بين القول بالاستحباب والقول بالأمر الطريقي على فتوى الاحتياط في موارد بلوغ الثواب أيضا. (١)
ويمكن الجواب عنه بأن المجتهد حيث كان نائبا عن المقلد في الرجوع إلى الأدلة يكون بلوغ الثواب إليه بلوغه إلى المقلد ومعه فيمكن له أن يحكم بالاستحباب أو ترتب الثواب للمقلد أيضا فلا فرق من هذه الجهة أيضا وإلى غير ذلك من الوجوه التي ذكروها ولا تخلو عن المناقشة فراجع.
التنبيه الرابع :
إنه ربما يتوهم عدم جريان البراءة في الشبهة التحريمية الموضوعية بعد ما قام الدليل مثلا على حرمة الخمر لوجوب الاجتناب عن جميع أفرادها الواقعية ولا يحصل العلم بالامتثال إلّا بالاجتناب عن كل ما احتمل حرمته.
وبعبارة أخرى ليس الشك في مثله في التكليف ليرجع فيه إلى قاعدة قبح العقاب بلا بيان أو إلى حديث الرفع فإن حرمة الخمر معلومة وإنّما الشك في مقام الامتثال ومقتضى القاعدة بعد العلم بالحكم والشك في الامتثال هو وجوب الاحتياط لأن الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة اليقينيّة.
وتحقيق ذلك يتوقف على ملاحظة صور متعلق النواهي :
أحدها : أن يكون النهي متعلقا بصرف وجود طبيعة الفعل وهو أول الوجود وناقض
__________________
(١) مباحث الحجج ٢ : ١٢٩.