أورد عليه بأن كل وضوء مستحب لم يثبت أنه رافع للحديث كما أن الوضوء للجنب أو الحائض مستحب في بعض الأحوال ومع ذلك لا يرتفع به الحدث.
أجاب عنه في مصباح الاصول بأن الوضوء يرفع الحدث الأصغر والجنب والحائض محدثان بالحدث الأكبر فعدم ارتفاع الحدث فيهما إنما هو من جهة عدم قابلية المورد فلا ينتقض بذلك على الارتفاع في مورد قابل.
ومن ذلك يظهر الجواب عن النقض بالوضوء التجديدي فهذه الثمرة تامة ولكنها مبنية على القول بعدم استحباب الوضوء نفسيا من دون أن يقصد به غاية من الغايات وأما لو قلنا باستحبابه كذلك كما هو الظاهر من الروايات فلا تتم الثمرة المذكورة إذ عليه يكون نفس الوضوء مستحبا رافعا للحدث ثبت استحبابه لغاية خاصة أم لم يثبت. (١)
ومنها : أنه لو دل خبر ضعيف على استحباب عمل قبل الزوال مثلا مع الشك في بقاء استحبابه بعد الزوال فبناء على جعل الحجية أمكن إثبات ذلك الاستصحاب بخلافه على الاستحباب النفسي بعنوان البلوغ لأن البالغ إنما هو الثواب قبل الزوال وهذا منتف بعد الزوال جزما. (٢)
ولا يخفى ما فيه فإن الاستصحاب جار على تقدير الاستحباب النفسي بعنوان البلوغ أيضا لأن المعيار في جريان الاستصحاب هو بقاء الموضوع عرفا لا لسان الدليل والعرف يحكم بالبقاء لو لم يكن مقيدا بقبل الزوال وأما مع التقييد بقبل الزوال فلا يجري الاستصحاب ولو بناء على جعل الحجية.
هذا مضافا إلى أن محل الكلام هو بيان الفرق بين تعلّق الثواب على نفس العمل الدال على ثبوت الأمر به وهو مسألة فقهية وبين تعلّق الثواب على العمل مع قيد بلوغ الثواب والإتيان به بداعي الأمر الذي لا يكشف عن الأمر لا بين تعلّق الثواب على نفس العمل
__________________
(١) مصباح الاصول ٢ : ٣٢٣.
(٢) مباحث الحجج ٢ : ١٢٨.