حديث أي رجل ركب أمرا بجهالة
ومنها : أي من الأخبار التي استدل بها للبراءة قوله عليهالسلام في صحيحة عبد الصمد بن بشير أي رجل ركب أمرا بجهالة فلا شيء عليه. (١)
بتقريب أنّ الجهالة بعمومها تشمل الجاهل البسيط وهو الشاك المتردد وتدلّ على البراءة.
وقد أورد عليه الشيخ قدسسره : بأنّ الباء في قوله بجهالة ظاهر في السببية للارتكاب وعليه يختص بالغافل والجاهل المركب ولا يشمل الجاهل البسيط وصورة التردد في كون فعله صوابا أو خطأ ويؤيده أنّ تعميم الجهالة لصورة التردد يحوج الكلام إلى التخصيص بالشاك الغير المقصر وسياقه يأبى عن التخصيص فتأمل. (٢)
ولعل وجه تأمله هو ما ذكره في نهاية الأفكار من أنّ الالتزام بالتخصيص مما لا بد منه على أي حال للزوم إخراج الجاهل المقصر. (٣) إذ الجاهل المركب ربما يكون مقصرا والمقصر لا يكون ممن لا شيء عليه.
هذا مضافا إلى ما أفاده في تهذيب الاصول من أنّ ذلك دعوى مجردة فإنّ لسانه ليس على وجه يستهجن في نظر العرف ورود التخصيص به كما لا يخفى. (٤)
وأما ما ذكره الشيخ من أنّ الباء في قوله بجهالة ظاهر في السببية للارتكاب ففيه أوّلا كما في تهذيب الاصول من أنّ الجهل ليس علّة للإتيان بالشيء فإنّ وجود الشيء في الخارج معلول لمباديه نعم ربما يكون العلم بالحكم مانعا ورادعا عن حصول تلك المبادي في النفس وعليه فالمناسب هو جعل الباء بمعنى عن. (٥)
اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ عدم العلم وهو الجهالة هو عدم المانع وهو من أجزاء العلة وله المدخلية فبهذا الاعتبار يناسب جعل الباء بمعنى السببية وثانيا كما في نهاية الأفكار من أنه
__________________
(١) الوسائل الباب ٤٥ من أبواب تروك الإحرام ح ٣.
(٢) راجع فرائد الاصول : ١٩٩.
(٣) نهاية الأفكار ٣ : ٢٢٩.
(٤) تهذيب الاصول ٢ : ١٧٦.
(٥) تهذيب الاصول ٢ : ١٧٧.