أريد من أمر واحد وأما إذا كان الأمر متعددا فلا مانع من إرادة الطريقية من أمر والنفسية من آخر.
ثم لا يذهب عليك أن حسن الاحتياط ورجحانه في الشبهات التحريمية بالترك وفي الشبهات الوجوبية بالإتيان ولا فرق في الأولى بين أن يدور أمر المشتبه بين الحرمة والإباحة وبين أن يدور أمره بين الحرمة والاستحباب بناء على أن دفع المفسدة الملزمة للترك أولى من جلب المصلحة الغير الملزمة كما أن إطلاق الأخبار الدالة على استحباب الاحتياط يقتضي ذلك.
لا يقال : إن لازم ذلك عدم حسن الاحتياط فيما احتمل كونه من العبادات المستحبة بل حسن الاحتياط بتركه إذ لا ينفك ذلك عن احتمال كون فعله تشريعا محرما لأنا نقول : كما أفاد شيخنا الأعظم قدسسره إن حرمة التشريع تابعة لتحققه ومع إتيان ما احتمل كونها عبادة لداعي هذا الاحتمال لا يتحقق موضوع التشريع ولذا قد يجب الاحتياط مع هذا الاحتمال كما في الصلاة إلى أربع جهات وفي الثوبين المشتبهين وغيرهما. (١)
المقام الثاني :
في رجحان الاحتياط في العبادات المحتملة ولا إشكال في ذلك فيما إذا دار الأمر بين الوجوب والاستحباب للعلم بالأمر فيه فيتمكن من نية القربة بإتيانه بقصد الأمر المعلوم بالإجمال.
وأما إذا دار الأمر بين الوجوب وغير الاستحباب من الإباحة أو الكراهة فقد يشكل من جهة أن العبادة لا بد فيها من نيّة القربة وهي متوقفة على العلم بأمر الشارع تفصيلا أو إجمالا ولا علم بذلك في الفرض المذكور.
ويمكن الجواب عنه بوجوه :
منها : أن الإتيان بما احتمل كونها عبادة لداعي هذا الاحتمال يكفي في تحقق العبادة ولا حاجة فيه إلى العلم بالأمر لا تفصيلا ولا إجمالا لصدق أنه أتى بالعمل لله وهو المناط في حصول القربة والعبادة.
__________________
(١) فرائد الاصول : ٢١٦ ـ ٢١٧.