وقد صرّح شيخنا الأعظم قدسسره بذلك حيث قال ومع إتيان ما احتمل كونها عبادة لداعي هذا الاحتمال لا يتحقق موضوع التشريع. (١) والوجه في كفاية إتيان العمل بداعي احتمال المطلوبية هو صدق القربة والعبادة بذلك.
قال الشهيد الصدر قدسسره : إنّ اللازم في صحة العبادة مطلق الداعي القربي فإن الانبعاث عن احتمال الأمر داع قربي الهي لأنه مظهر من مظاهر الإخلاص ذاتا للمولى وكل ما هو مظهر للإخلاص للمولى يوجب التقرب ذاتا إليه أيضا بلا حاجة إلى جعل ولم يناقش فيه أحد. (٢) وهذا الجواب أحسن الأجوبة كما لا يخفى.
ومنها : أن الأمر على تقدير لزومه موجود في المقام وذلك لأن حكم العقل بحسن الاحتياط في العبادة يكشف عن ثبوت الأمر الشرعي بالإتيان بما احتمل كونه عبادة بقاعدة الملازمة بين حكم العقل والشرع وعليه فيكفي قصد الأمر المنكشف لحصول نية القربة وتحقق العبادة.
أورد عليه بأن حكم العقل بحسن الاحتياط لا يكشف عن تعلّق الأمر الشرعي به بنحو اللّم أي من ناحية حسنه العقلي لأنّ حسن الاحتياط حكم عقلي في سلسلة معلولات الأحكام الشرعية لا في سلسلة عللها كاوامر العقل بالإطاعة فكما أن أوامر العقل بالإطاعة إرشادي ولا يكشف عن الأمر المولوي فكذلك أمر العقل بالاحتياط إرشادي ومثل هذا يستحيل ان يكون منشأ لحكم شرعي بالملازمة فالأمر الشرعي غير موجود.
ولا يخفى ما فيه فإن عدم قابلية مورد حكم العقل بالإطاعة الحقيقية للحكم المولوي كما أفاد المحقق الأصفهاني قدسسره من جهة كونه محكوما عليه بالحكم المولوي والحكم المولوي لا يتكرر لأنه تحصيل الحاصل وأما في موارد الاحتياط فليس فيها إلّا احتمال الأمر ولا مانع من البعث المولوي نحو المحتمل لعدم كفاية الاحتمال للدعوة كما لا مانع من تنجيز المحتمل
__________________
(١) فرائد الاصول : ٢١٦ ـ ٢١٧.
(٢) مباحث الحجج ٢ : ١١٩.