بالأمر الاحتياطي طريقيا فإن أريد عدم الكاشفية لامتناع المنكشف فهو غير وجيه وإن أريد عدم تعينه لاحتمال الإرشادية والمولوية فهو وجيه فتدبر. (١)
حاصله أن الكشف عن الأمر الشرعي عن حسن الاحتياط في سلسلة المعلولات وإن أمكن في المقام ولكن لا دليل له في مقام الإثبات فالأمر الشرعي غير محرز في النهاية.
ومنها : أن الأمر الشرعي بالاحتياط بنحو الاستحباب النفسي موجود بدلالة الأخبار الواردة في المقام بمثل قوله عليهالسلام من ارتكب الشبهات نازعته نفسه إلى أن يقع في المحرمات وقوله عليهالسلام «من ترك الشبهات كما لما استبان له من الإثم أترك» لظهور كون الأمر للاستحباب النفسي ومع الأمر المولوي يكفي قصده في تحقق القربة والعبادة ولا وقع لما في الكفاية من أنه لو فرض تعلّق أمر به لما كان من الاحتياط بشيء بل كسائر ما علم وجوبه أو استحبابه في عدم كونه من الاحتياط وذلك لأن متعلق الأمر هو الاحتياط ولا يخرج المتعلق عن عنوانه وهو الاحتياط بتعلق الأمر الاستحبابي به فتدبر جيدا.
اللهمّ إلّا أن يقال : كما في مباحث الحجج بأن الأمر الجزمي قد تعلّق بعنوان الاحتياط فلا يمكن قصده إلّا بإتيان متعلقه وهو الاحتياط في العبادة الواقعية المحتملة ولا يمكن الاحتياط فيها إلّا بقصد أمر جزمي على الفرض فلو أريد تصحيح ذلك بهذا الأمر لزم منه ما يشبه الدور إلّا أنّه يمكن الجواب عن هذا الإشكال بأن للاحتياط بوجوده الخارجي متأخر عن جعل الأمر الذي صقع وجوده وعالمه عالم الوجود الذهني والذي يتوقف عليه الأمر بالاحتياط وجوده في ذهن الآمر في مقام الجعل وهو ليس كالوجود الخارجي للاحتياط متأخرا عن الأمر فلا دور. (٢)
هذا كله بناء على لزوم قصد الأمر الجزمي في حسن العبادة وتحققها ولكن عرفت عدم لزوم ذلك.
فالأولى هو أن يقال إن الاحتياط حسن ولو في العبادات ولا حاجة في حسن الاحتياط
__________________
(١) نهاية الدراية ٢ : ٢١٦.
(٢) مباحث الحجج ٢ : ١٢٠.