التنبيه الخامس :
انه لو نسي شرطا أو جزءا من المأمور به هل يمكن تصحيح المأتي به بحديث الرفع أو لا يمكن.
ذهب بعض الأعاظم إلى الثاني معلّلا بأنّ الحديث لا يشمل الأمور العدمية لأنه لا محل لورود الرفع على الجزء والشرط المنسيين لخلو صفحة الوجود عنهما فلا يمكن أن يتعلق الرفع بهما هذا مضافا إلى أنّ الأثر المترتب على الجزء والشرط ليس إلّا الإجزاء وصحة العبادة وهما ليسا من الآثار الشرعية التي تقبل الوضع والرفع بل من الآثار العقلية لأن موافقة المأتي به مع المأمور به أو مخالفته معه من الأمور الواقعية ولا دخل للشرع فيهما حتى يشملهما حديث الرفع.
ويمكن الجواب عنه بأنّ : ما هو متعلّق الرفع هو حكم الجزء والجزئية فإنه ثقيل على المكلف فلا يجب عليه الإعادة بعد شمول حديث الرفع لهما وأمّا موافقة المأتي به مع المأمور به أو مخالفته معه فهما مترتبان على بقاء الجزاء أو الشرط على الجزئية والشرطية وعدم بقائهما في حال النسيان وعليه فمع كونهما متفرعان ومترتبان على بقاء الجزئية أو الشرطية وعدمه فيد الجعل تنالهما أيضا باعتبار منشأهما كما لا يخفى فإذا عرفت ذلك فالأقوى هو إمكان تصحيح المأتي به لأنّ حديث الرفع حاكم على أدلة المركبات أو على أدلة اعتبار الأجزاء والشرائط وبعد الحكومة تصير النتيجة اختصاص الأجزاء والشرائط بغير حال النسيان ويكون تمام المأمور به في حق المكلف عامة الأجزاء والشرائط غير المنسية منها وعليه فالمأتي به حال النسيان موافق للمامور به ومع المطابقة يصح المأتي به كما لا يخفى.
والقول بحكومتها في حال نسيان الحكم (الجزئية) لا في حال نسيان نفس الجزء والشرط تحكم محض بعد القول بتعلق الرفع بنفس ما نسوا أي المنسي على نحو الإطلاق. (١)
ثم إنّ مقتضى ما عرفت من إمكان تصحيح المأتي به بحديث الرفع هو عدم الفرق بين
__________________
(١) راجع تهذيب الاصول ٢ : ١٦١.