ان المنفي في ظرف الجهل إنّما هو الأثر المترتب على الفعل وإنّه ليس عليه شيء من ناحية فعله الصادر عن جهل لا ما يترتب على الترك ومن المعلوم أنّ الأثر المترتب على الفعل أعني الإفطار إنّما هو الكفارة فقط فهي المنفي وأما القضاء فليس هو من آثار الفعل وانما هو من آثار ترك الصوم وعدم الإتيان به في ظرفه على وجهه فهو أثر العدم لا الوجود نعم لأجل الملازمة بين الأمرين أعني الإفطار وترك الصوم الناشئة من كون الصوم والإفطار ضدين لا ثالث لهما صح إسناد أثر أحدهما إلى الآخر مجازا. (١)
وذلك لما عرفت من أنّ الرفع كناية عن فرض عدم صدور ما صدر عن المكلف نسيانا أو خطأ فمع هذا الفرض يرجع الرفع إلى جعل الشارع خطأه أو نسيانه أو اضطراره بمنزلة العدم فكأنّه فرضه آتيا بالواجب الذي تركه خطأ أو نسيانا وتاركا للمحرم الذي اتى به عن نسيان أو خطأ أو نحوهما وعليه فمعنى الرفع رفع كل ما كان عن خطأ ونسيان بادعاء رفع الأثر عنه شرعا سواء كان الفعل أو الترك وسواء كان بنفسه منسيّا أو كان منشؤه النسيان وعليه فلا وجه لتخصيص الحديث بالموجودات وهكذا لا وجه لجعل المرفوع مخصوصا بنفس المنسي بعد عدم إمكان أن يكون المرفوع هو نفس النسيان لشمول الرفع لما يكون ناشئا عن النسيان ولو لم يكن بنفسه منسيّا فيعلم مما ذكر أنّه لا يختص المرفوع بالحكم المتعلق بالشيء أو الحكم المترتب على الشيء بل يشمل ما يكون ناشئا عن الخطأ والنسيان ومرتبطا بهما بنحو من الأنحاء لأنه هو مقتضى فرض النسيان أو الخطأ الموجود بمنزلة العدم من دون تقييد وتخصيص وهكذا كان الأمر بالنسبة إلى صحيحة عبد الصمد فإن رفع المجهول يعم ما كان بنفسه مجهولا أو كان ناشئا عن الجهل فيدلّ على نفي القضاء والكفارة كليهما نعم يمكن استفادة الاختصاص بنفي الكفّارة في خصوص هذه الصحيحة بقرينة الحكم بالبطلان ولزوم الإعادة أو القضاء في موارد من أفعال الحجّ كترك الوقوفين جهلا أو الطواف من بين حجر اسماعيل ونحوهما فتدبر جيدا.
__________________
(١) مستند العروة ١ : ٢٥٤.