الحديث بالامور الوجودية وثانيا : أنه لا موجب للقول بأنّ المرفوع بعد ما لم يمكن أن يكون نفس النسيان هو المنسي فانه على ما ذكر يشمل كل ما كان عن نسيان وناشئا عنه ولو لم يكن بنفسه منسيّا فتدبر ولا تغفل. (١)
ومما ذكرنا يظهر النظر في ما أفاده السيّد المحقق الخوئي قدسسره حيث قال إنّ المرفوع لا بد أن يكون أحد الأمرين إمّا الحكم المتعلق بالشيء أو الحكم المترتب على الشيء بحيث يكون هذا الشيء الذي تعلّق به النسيان أو الإكراه أو غيرهما موضوعا بالإضافة إليه فمعنى رفعه في عالم التشريع عدم كونه متعلقا للحكم الثابت له في حد نفسه أو عدم كونه موضوعا للحكم المترتب عليه في حد نفسه فبحسب النتيجة يفرض وجوده كالعدم وكأنّه لم يكن فإذا اضطر أو نسي أو أكره على شرب الخمر مثلا فمعنى رفعه أن هذا الشرب لا يكون متعلقا للحرمة الثابتة له في حد نفسه كما أنه لا يكون موضوعا للحكم الآخر المترتب عليه كوجوب الحد فهو أيضا مرفوع عنه فيكون ذلك تخصيصا في أدلة الأحكام الأوليّة وموجبا لاختصاصها بغير هذه الموارد المذكورة في الحديث وأما لو فرضنا أن الموضوع للحكم شيء آخر غاية الأمر أنه ملازم بحسب الوجود مع متعلق الاضطرار والإكراه ونحوهما فلا يكاد يرتفع الحكم عن ذلك الموضوع بحديث الرفع فلو فرضنا أنه مضطر أو مكره على التكلم في الصلاة فغايته أنّ حرمة القطع على تقدير القول بها مرفوعة وأمّا وجوب الإعادة أو القضاء المترتب على عدم الإتيان بالمأمور به الذي هو لازم التكلم فلا يتكفل الحديث لرفعه بوجه فإنه حكم مترتب على موضوع آخر لا ربط له بمتعلق الإكراه أو الاضطرار وإن كانا متقارنين بحسب الوجود الخارجي. (٢)
ولذا قال في مثل قوله عليهالسلام في صحيحة عبد الصمد الواردة فيمن لبس المخيط حال الإحرام جاهلا أي رجل ركب أمرا بجهالة فلا شيء عليه. (٣)
__________________
(١) المحاضرات لسيدنا الاستاذ المحقق الداماد قدسسره ٢ : ٤٢٣ ـ ٤٢٦.
(٢) مستند العروة ١ : ٢٥٥ ـ ٢٥٦.
(٣) الوسائل الباب ٤٥ من تروك الإحرام ح ٣.