العقل بذلك معلقا على عدم نصب الشارع طريقا وأصلا وعدم حكمه به فيما كان هناك منصوب ولو كان اصلا بداهة أن من مقدمات حكمه عدم وجود علم ولا علمي ، فلا موضع لحكمه مع احدهما ... الى أن قال : فلا يكون نهيه عنه رفعا لحكمه عن موضوعه ، بل به يرتفع موضوعه. (١)
التنبيه الرابع :
انّ ظهور الألفاظ حجة عند العقلاء ، ولا يرفع اليد عنه إذا حصل الظن غير المعتبر على خلافه ؛ لعدم اختصاص دليل حجيته بما اذا لم يكن الظن غير المعتبر على خلافه ، وعليه فلو كان اللفظ بنفسه ظاهرا في معنى وخالفه المشهور لا يسقط ظهور اللفظ عن الحجية مع احتمال أن يكون وجه المخالفة هو اجتهادهم واستنباطهم.
نعم اذا احرز أن وجه المخالفة مستند الى دلالة حاق اللفظ لا الى ظنونهم واجتهاداتهم يستكشف بذلك أن اللفظ في ذلك العصر ظاهر في المعنى الذي فهموه وما فهمنا منه في عصرنا خلاف الظاهر ، فاللازم هو الأخذ بما فهمه المشهور.
وهكذا إذا أحرز أن مخالفتهم مع الظاهر مستند الى قيام دليل على التخصيص أو التقييد لا من ناحية الاجتهاد والاستنباط ، كما لعله كذلك في قاعدة القرعة لكل امر مشتبه مع وضوح معناها ، فيؤخذ بما ذهب اليه المشهور ؛ فانه يكشف عن المخصص أو المقيد ، كما لا يخفى.
وبالجملة فالظن المستفاد من فتوى المشهور وإن لم يكن على اعتباره دليل ربما يكشف قطعيا عن الظهور من حاق اللفظ أو المقيد أو المخصص ، فمع الكشف عن الظهور المستند الى حاق اللفظ أو وجود المقيد أو المخصص فاللازم هو الاتباع للظهور المستكشف أو المقيد أو المخصص ؛ ولذا لا يعمل بعموم قاعدة القرعة ، ولا منافاة بين أن لا يكون الشهرة الفتوائية حجة ومع ذلك تكشف عن الظهور المذكور أو وجود المقيد أو المخصص ، فلا تغفل.
__________________
(١) الكفاية : ج ٢ ص ١٤٤.