المحرز من ناحية هذه الحجية متقدما على نفس هذه الحجية مع أنه متأخّر عنها. فالحكم بالحجية في المقام مع هذه الخصوصية يوجب أن يتقدم المتأخر ، وهو محال.
والجواب عنه : أن الاشكال ناش من توهم كون الحكم بالحجية حكما شخصيا والقضية قضية خارجية ، وأما اذا كان الحكم بنحو القضية الحقيقية كما أفاد في الكفاية وغيرها فلا يوجب الاشكال أصلا ؛ فانّ الحكم بحجية خبر الكليني يوجب احراز خبر من يروي عنه الكليني ، فبعد الاحراز يكون شمول القضية الحقيقية لفرد آخر منها ، لا عين الفرد الثابت لخبر الكليني.
قال السيد المحقق الخوئي قدسسره : لا محذور في أن يكون ثبوت الحجية لخبر الكليني موجبا لاحراز خبر من يروي عنه الكليني ، فيترتب عليه فرد آخر من الحجية ، لا عين الحجية الثابتة لخبر الكليني التي بها احرز هذا الخبر ، وهكذا الحال بالنسبة الى آخر سلسلة الرواة. (١)
الناحية الثانية :
أن الحكم بوجوب ترتيب أثر شرعي على المخبر به وهو خبر من يروي عنه الكليني بنفس الحكم في خبر الكليني بوجوب التصديق يستلزم اتحاد الحكم والموضوع ؛ لأنّ كليهما أمر واحد. نعم لو أنشأ هذا الحكم ثانيا فلا بأس في أن يكون بلحاظ نفس هذا الوجوب أيضا حيث إنّه صار أثرا بجعل آخر ، فلا يلزم اتحاد الحكم والموضوع ، بخلاف ما اذا لم يكن هناك إلّا جعل واحد.
والجواب عنه واضح بعد ما عرفت من أن الحكم بالحجية ووجوب ترتيب الأثر وتصديق العادل ليس حكما شخصيا لموضوعات متعددة بنحو القضية الخارجية ، بل هو الحكم بنحو القضية الحقيقية ، ومن المعلوم أن الحكم حينئذ متعدد بتعدد الافراد ، ومع التعدد لا معنى للاتحاد ؛ إذ الحكم بوجوب ترتيب ما للمخبر به وهو خبر من يروي عنه الكليني
__________________
(١) مصباح الأصول : ج ٢ ص ١٨٠.