مندفعة : بما مر من أن الملازمة في مرتبة الكشف لأجل الملازمة الواقعية الحقيقية في مرتبة المنكشف ، فمع القطع يحصل القطع بها ، ومع الظن يحصل الظن بها ، والشارع امضاها كما اعتبرها العقلاء ، فلا وجه لنفي الدليل لذلك ، فكما أن الكشف حاصل في الخبر بلا واسطة فكذلك حاصل بالخبر مع الواسطة ، والكشف معتبر مطلقا.
لا يقال : أن خبر الشيخ لا عمل له ولا أثر عملي له وليس جزء موضوع للعمل ، نعم له أثر عملي بما هو موضوع من الموضوعات ، وهو جواز انتساب الخبر الى المفيد ، وهو يتوقف على تعدد المخبر كسائر الموضوعات ، وأما وجوب صلاة الجمعة فليس مفاد خبر الشيخ حتى يكون اقامة الصلاة ترتيبا عمليا له ؛ فانّ الشيخ لم يخبر عن وجوبها وإنّما أخبر عن إخبار المفيد ، ولأجل ذلك يدور صدق قوله أو كذبه مدار إخبار المفيد له وعدم اخباره سواء كانت الصلاة واجبة أم لا. (١)
لأنا نقول : لا مجال لما ذكر بعد أن كان المفروض هو كون مفاد جعل الحجية هو جعل الخبر من حيث إنه مفيد للظن النوعي طريقا الى الواقع لا ترتيب الأثر تعبدا ، ولم يدل دليل من آية أو رواية على لزوم كون مؤدى الامارة حكما شرعيا أو ذا أثر شرعي.
وعليه فلا منافاة بين جعل الحجية والطريقية وعدم كون خبر الشيخ لا عمل له ولا أثر عملي له وليس جزء موضوع للعمل ؛ لكفاية الاستطراق في جعل الحجية وهو موجود ، ولا دليل على اعتبار اثر عملي في جعل الحجية. نعم يعتبر عدم لغوية حجية الاستطراق ، وهو حاصل بسبب انتهاء ذلك الى الحكم الشرعي ، كما لا يخفى.
التنبيه الثامن :
أنه ربما يستدل على حجية الأخبار بالوجوه العقلية.
منها : ما اعتمد عليه الشيخ الأنصاري سابقا ، وهو انا نعلم اجمالا بصدور أكثر الأخبار أو كثير منها ، واحتمال الجعل لا يكون في جميع الأخبار ، والعلم بوجود الأخبار المكذوبة انّما
__________________
(١) تهذيب الاصول : ج ٢ ص ١٢٥.