ذلك أنّ التارك للإعادة لا يستحق إلّا عقابا واحدا لأجل عدم الإتيان بالمأمور به لا لترك إعادته واحتمال العقابين كاحتمال انقلاب التكليف إلى وجوب الإعادة باطل بالضرورة فتلخص من جميع ما ذكر أنّ الإكراه إن تعلّق بإيجاد المانع (الشرعي) فيمكن أن يتمسك بحديث الرفع لتصحيح الماتي به وأمّا إذا تعلّق بترك الجزء والشرط فلا كما ظهر الفرق بين نسيان الجزء والشرط وبين تركهما لأجل الإكراه. (١)
يمكن أن يقال : إنّ هذا التفصيل ناش من لزوم تقدير الأثر في حديث الرفع وأمّا على ما عرفت من عدم الحاجة إلى التقدير فلا وجه له لأنّ مفاده أنّ الإلزامات المجهولة أو المنسية أو المكره عليها أو المضطر إليها رفعت ثقلها بعروض هذه الطواري ومن المعلوم أنّ التدارك والإعادة ثقيل على المكلفين وهما من لوازم بقاء الإلزامات المذكورة ومقتضى حديث الرفع هو رفع ثقل هذه الإلزامات برفعها بقاء ومعنى ذلك عدم وجوب التدارك والإعادة من دون فرق بين النسيان والإكراه ومن دون تفاوت بين كون الإكراه على ترك الجزء والشرط وبين الإكراه على إيجاد المانع إذ الحديث يعم جميع الموارد المذكورة. ولا نحتاج إلى وجود الأثر الشرعي حتى يقال إنّ وجوب الإعادة ليس أثرا شرعيا في حد نفسه ولا أثرا مجعولا لبقاء الأمر الأول بل هو أمر عقلي منتزع يحكم به إذا أدرك مناط حكمه.
وذلك لما عرفت من أنّ حديث الرفع يدل على رفع ثقل الأحكام الأولية وبقاء تلك الأحكام بحيث يجب التدارك والإعادة ومع رفع هذه الأحكام لا مجال للإعادة والتدارك كما لا يخفى فالأقوى بناء على جواز الأخذ بعموم حديث الرفع هو عدم الفرق بين الإكراه على إيجاد المانع الشرعي وبين الإكراه على ترك الجزء والشرط فكما أنّه يجوز التمسك بحديث الرفع في الأول فكذلك يجوز في الثاني فتدبر جيدا.
التنبيه الثامن :
أنّ المرفوع بحديث الرفع كما مر هو الحكم المتعلق بالموضوع لا الموضوع وعليه فمثل
__________________
(١) راجع تهذيب الاصول ٢ : ١٦٧ ـ ١٦٨.