النجاسة مما له واقعية خارجية تكوينية ليست مرفوعة بل هي حاصلة بنفس أسبابها التكوينية كالملاقاة مع النجس لأنّها من الموضوعات الخارجية ولا دخل لفعل الإنسان فيها وعليه فإذا ابتلي الإنسان بعدم ترتيب آثار النجاسة بسبب الجهل أو الاضطرار أو الخطأ والنسيان وغير ذلك فحديث الرفع لا يدل على رفع نفس النجاسة بل يدل على رفع أحكام النجاسة ما دامت العناوين المذكورة موجودة ولذا لو صلى في النجس خطأ أو نسيانا أو جهلا أو اضطرارا أو إكراها فحديث الرفع يدل على رفع حكمه وثقله فيحكم بصحة صلاته فيه لا رفع تنجس الملاقي كما لا يخفى.
إن قلت : مقتضى أن يكون مفهوم حديث الرفع هو رفع الأحكام المتعلقة بالموضوعات دون نفسها هو ارتفاع الحكم بتنجس جسم الملاقي للنجاسة في حال عروض النسيان أو الاضطرار أو الجهل لأن التنجس أيضا من الأحكام وعليه فلو لاقى يده أو لباسه النجس فتذكر والتفت كان مقتضى الحديث هو رفع الحكم بالتنجس فلو أراد بعد الالتفات ، الصلاة في لباسه النجس ونحوه كان مقتضى حديث الرفع هو الحكم بصحة صلاته ولو بعد التفاته بملاقاة لباسه أو يده مع النجاسة وهو مما لم يلتزم به أحد ويلزم منه فقه جديد.
قلت : اجيب عن ذلك باجوبة :
منها : ان تنجس شيء بالملاقاة لم يترتب على الملاقاة بما هو فعل من أفعال المكلف بل هو مترتب على الملاقاة بما هي هى من الموضوعات الخارجية إذ النجاسة قذارة خارجية تكوينية أو سياسية وعليه فالابتلاء بها وإن كان بسبب الخطأ والنسيان أو الجهل أو الاضطرار ونحوها لا يوجب أن يحكم عليها برفع نفسها بحديث الرفع والحكم بصحة صلاته ولو بعد الالتفات إلى النجاسة لأنّ مثل هذا المورد خارج تخصّصا.
قال السيّد المحقق الخوئي قدسسره : إنّ المعتبر أن يكون الحكم مترتبا على فعل المكلف بما هو فعل المكلف فلا يرفع به مثل النجاسة المترتبة على عنوان الملاقاة فإذا لاقى جسم طاهر بدن الإنسان المتنجس اضطرار أو إكراها لا يمكن الحكم بارتفاع تنجس هذا الجسم الملاقي