لحديث الرفع لان تنجس الملاقي لم يترتب على الملاقاة بما هو فعل المكلف بل هو مترتب على نفس الملاقاة وإن فرض تحقّقها بلا استناد إلى المكلف فلا وجه لما أفاده المحقق النائيني قدسسره من أن ذلك خارج عن حديث الرفع بالإجماع. (١)
وهذا الجواب تام بالنسبة إلى مسألة ملاقاة النجاسة في الأحوال المذكورة ولكن يرد عليه ما أورد عليه في مباحث الحجج بقوله وهذا الجواب لا بأس به لو لا أنّه لا يرفع الإشكال نهائيا فإنه يفيد في مثال الملاقاة مع أنّ هناك ما يكون فعلا للمكلف وموضوعا لآثار تحميلية ومع ذلك لا ترتفع تلك الآثار بالحديث كالإتلاف نسيانا لمال الغير في مورد لا يكون تلفه موجبا للضمان فإنه فعل للمكلف وبما هو كذلك يقع موضوعا للضمان.
وكمسّ الميت فإنه فعل للمكلف وليس كالملاقاة التي قد تقع بين شيئين بلا نسبة إلى المكلف فهل يقال بشمول الحديث لرفع الضمان في الأول ووجوب الغسل في الثاني إذا وقعا بأحد العناوين التسعة. (٢)
وعليه فلا يكفي في الجواب إن يقال إنّ المعتبر أن يكون الحكم مترتبا على فعل المكلف فإنّ مثل الإتلاف ومسّ الميت هو فعل المكلف ومع ذلك لا يشمله حديث الرفع. اللهمّ إلّا أن نقول : بالتخصيص في هذه الموارد.
ومنها : ما أفاده الشهيد الصدر قدسسره بقوله والذي ينبغي أن يقال إنّ المعذرية المستفادة من الحديث للعناوين المذكورة فيها طعم إمضاء المعذرية العرفية العقلائية المركوزة في مثل هذه العناوين فليست تأسيسية محضة بل ملاكها مركوز لدى العرف ومن الواضح أنّ تلك المعذرية إنّما هو فيما إذا كان الحكم التحميلي المرتب على الموضوع مما يكون للاختيار والعمد دخل في ترتيبه سواء كان فعلا مباشرا للمكلف أو تسبيبا.
وكون الاختيار والعمد دخيلا في ترتب الحكم يستفاد إمّا من كون الفعل متعلقا للحكم
__________________
(١) مصباح الاصول ٢ : ٢٦٩.
(٢) مباحث الحجج ٢ : ٥٥.