في العبادات إلى إحراز الأمر لكفاية الإتيان بداعي احتمال الأمر في تحقق العبادة بحكم العقل والعرف من دون حاجة إلى إحراز الأمر أو تعلّقه به إذ يكفي في عبادية الشيء مجرد إضافته وانتسابه إلى المولى قال السيّد المحقق الخوئي قدسسره : إنّ الإتيان بالعمل برجاء المحبوبية واحتمال أمر المولى من أحسن أنحاء الإضافة والحاكم بذلك هو العقل والعرف بل هو أعلى وأرقى من امتثال الأمر الجزمي إذ ربما يكون الانبعاث إليه لأجل الخوف من العقاب وهو غير محتمل في فرض عدم وصول الأمر والإتيان برجاء المطلوبية. (١)
هذا مضافا إلى دلالة أخبار من بلغ على عدم اشتراط الجزم بالنية ولا قصد الأمر المعلوم في تحقق العبادة الواقعية إذ الظاهر منها أن ما اتي به هو عين ما هو في الواقع وأنّ الثواب الذي يصل إليه عند مصادفة عمله للواقع هو عين الثواب المقرر على العمل في الواقع مع أنه متفرع على أنه أتى به فهو شاهد على أنّ الجزم بالنية لا يعتبر في تحقق العبادة وإتيانها.
قال سيدنا الإمام المجاهد قدسسره : ومما يؤيد إمكان الاحتياط في التعبديات بل من أدلته أخبار هذا الباب (أي أخبار من بلغ) فإن تلك الأخبار تدل على أن تمام الموضوع للثواب هو البلوغ كما في صحيحة هشام أو السماع كما في بعض آخر منها وعليه فمهما بلغه أو سمعه وعمل على وزانه رجاء أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قد قاله فيثاب وإن كان رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يقله فهذه الأخبار أقوى شاهد على أنه لا يشترط في تحقق العبادة الجزم بالنية ولا قصد الأمر في تحقق الإطاعة إذ الثواب الذي يصل إليه عند المطابقة ليس إلّا نفس الثواب المقرر على العمل كما هو ظاهر الصحيحة.
وبالجملة أنّ الظاهر منها أنّ العمل المأتي به رجاء إدراك الواقع والتوصل إلى الثواب إذا صادف الواقع يكون عين ما هو الواقع ويستوفي المكلف نفس الثواب الواقعي وإن لم يصادف الواقع يعطى له مثل الثواب الواقع تفضلا ولو كان الإتيان باحتمال الأمر لغوا أو تشريعا لما كان له وجه.
__________________
(١) مصباح الاصول ٢ : ٣١٦.