العدم الكلي بحيث لو أتى بصرف الوجود عصى وسقط النهي وجاز الإتيان بالباقي لاختصاص المفسدة بصرف الوجود وفي هذه الصورة لا مجال للبراءة لأن امتثال النهي يكون منوطا بترك جميع الوجودات إذ لو أتى ببعضها عصى ولم يتحقق الامتثال وعليه فلا يجوز الاتيان بالمشكوك مع احتمال كونه مصداقا واقعا وإلّا لما حصل العلم بالامتثال مع أنه عالم بالاشتغال.
قال في الدرر لا مجال لأصالة البراءة في هذه الصورة لأن النّهى على هذا النحو يقتضي ترك جميع الأفراد لأن الطبيعة لا تترك إلّا بترك جميع الأفراد فمتى شك في شيء أنه من أفراد الطبيعة المنهي عنها يجب عليه تركه لأن اشتغال الذمّة بترك إيجاد الطبيعة معلوم ولا يتيقّن بالبراءة إلّا بالقطع بترك جميع أفرادها في نفس الأمر. (١)
أورد عليه في مباحث الحجج بأن الشك في انطباق متعلق النهي مجرى للبراءة فإنه بعد إن كان الطبيعة عين الفرد ومنطبقا عليه أصبح الشك في الشبهة التحريمية شكا في سعة دائرة المحركية المولوية باعتبار شمولية النهي. (٢)
وفي تسديد الاصول أيضا أن الحق إن الحرمة كالوجوب متعلق بنفس الطبيعة فمع الشك في المصداق يشك في تعلّق الحرمة به ويجري فيه عموم كل شيء حلال والمتعلق وإن كان صرف الوجود إلّا أنه لما كان امتثال الحرمة إنما هو بأن لا يتحقق متعلقها وعدم تحقق صرف الوجود إنما يكون بعدم تحقق جميع الأفراد فكل من الأفراد بما أنه لو تحقق أولا يكون صرف الوجود يتعلق به الحرمة فإذا شك في مصداقية شيء فلا محالة يستتبع الشك في حرمته مستقلا ويجري فيه أصالة الحل. (٣)
ولا يخفى ما فيهما من الإشكال أوّلا : بالنقض وثانيا : بالحلّ.
أما الأوّل : فبأن لازم ما ذكر هو عدم وجوب الاجتناب عن أطراف المعلوم بالإجمال
__________________
(١) الدرر : ٤٥٢ طبع جديد.
(٢) مباحث الحجج ٢ : ١٤٨.
(٣) تسديد الاصول ٢ : ١٧٦.