لان الشك في شمول النهي لكل طرف ينتهي إلى الشك في سعة دائرة المحركية المولوية وبتعبير آخر يكون الشك في مصداقية شيء للمعلوم بالإجمال ويستتبع الشك في حرمته مستقلا وهكذا لازم ذلك عدم وجوب الاجتناب عن الشبهة البدوية قبل الفحص لأن الشك في شمول النهي له وفي مصداقية المشكوك للتكليف الواقعي.
وأيضا لازم ذلك عدم وجوب الاحتياط في كل مورد يكون الشك في الامتثال بعد العلم بالخطاب لأن مورد الشك مما يكون الشك في سعة دائرة المحركية المولوية أو مما يكون الشك في مصداقيته للواجب المعلوم وهو كما ترى.
وأما الثاني : فبأن الشك في هذه الموارد شك في ناحية الامتثال بعد العلم بالاشتغال ومقتضى العلم بالاشتغال هو وجوب الاحتياط في الموارد التي شك في انطباق متعلق النهي أو شك في مصداقية شيء بالنسبة إليه لأن الشك في السقوط بعد العلم بالثبوت.
ولعله لذلك قال في الكفاية انّ النهي عن الشيء إذا كان بمعنى طلب تركه في زمان أو مكان بحيث لو وجد في ذلك الزمان أو المكان ولو دفعة لما امتثل أصلا كان اللازم على المكلف إحراز أنه تركه بالمرة ولو بالأصل فلا يجوز الإتيان بشيء يشك معه في تركه إلّا إذا كان مسبوقا به ليستصحب مع الإتيان به. (١)
ولقد أفاد وأجاد إلّا أن تفسير النهي عن الشيء بطلب تركه لا يخلو عن إشكال وهو ما بيناه في النواهي عند البحث عن صيغة النهي وتفسيره من أن مفاد النهي هو الزجر عن الفعل كما إن مفاد الأمر هو البعث نحو الفعل فالمتعلق فيهما هو الفعل وطلب الترك ليس مساوقا لمعناه نعم طلب الترك لازم للزجر عن الفعل عقلا كما إن مبغوضية الترك في الأوامر لازم للبعث نحو الفعل. (٢) وكيف كان فلا علم بالبراءة عن التكليف الحاصل بالزجر عن صرف وجود الفعل إلّا بإحراز الاجتناب عن الفعل بالمرة.
__________________
(١) الكفاية ٢ : ٢٠٠.
(٢) راجع عمدة الاصول ٣ : ١٥٦.