الآيات الواردة في الفروع والاصول إلّا ورد فيها خبر موافق أو أخبار موافقة لها ، فلو لم يكن ظواهر الكتاب حجّة كفت الأخبار الموافقة لها. هذا مضافا إلى أنّ جلّ الآيات الواردة في الاصول والفروع مجملة ، فلا يمكن العمل بها إلّا بعد أخذ تفصيلها من الأخبار.
ويمكن الجواب عنه بما أفاده شيخنا الأعظم قدسسره من أنّ المتوهم قصّر نظره إلى الآيات الواردة في العبادات ؛ فإنّ أغلبها من قبيل ما ذكره ، وإلّا فالإطلاقات الواردة في المعاملات مما يتمسّك بها في الفروع الغير المنصوصة أو المنصوصة بالنصوص المتكافئة كثيرة جدّا ، مثل : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) و (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) و (تِجارَةً عَنْ تَراضٍ) و (فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ) و (لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ* وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) ... إلى أن قال : وبل في العبادات ايضا كثيرة مثل قوله تعالى (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) وآيات التيمّم والوضوء والغسل. وهذه العمومات وإن ورد فيها أخبار في الجملة إلّا أنّه ليس كل فرع مما يتمسك فيه بالآية ورد فيه خبر سليم عن المكافئ ، فلاحظ وتتّبع. (١)
وكلامه متين ، ولكن الأخذ بالإطلاق في الاختراعيات فرع إحراز كون المتكلم في مقام بيان تفصيل الأحكام لا في مقام بيان أصل التشريع ، وإحراز ذلك في الموضوعات الاختراعية العبادية كالصلاة محل تأمّل ، وإن كان إحراز ذلك في الإمضائيات أو التأسيسيات التي كان موضوعها من الموضوعات اللغوية كالجهاد والدفاع والإحسان والإصلاح والتعاون والعدل وغير ذلك ممكنا ؛ لمعلومية الموضوع عند العقلاء والعرف ولا حاجة إلى بيانه ، فإذا أمضاه الشارع أو أسّسه ولم يقيّده بقيد وشرط كشف عن أنّ إطلاقه مقبول عنده ؛ إذ لو كان مقيّدا عنده لزم عليه أن يبيّنه. ولا مورد لدعوى كونه في مقام بيان أصل المشروعية بعد وضوح الموضوع عندهم ، كما لا يخفى.
نعم لا بأس بالأخذ بالإطلاق المقامي في العباديّات أيضا في العباديّات أيضا فيما إذا كشف كون المتكلم في مقام الإطلاق من جهة إحراز اكتفاء الشارع بها مع عدم ورود خبر و
__________________
(١) فرائد الاصول : ٣٩ ـ ٤٠.