ودعوى أنّ موارد التمسّك ببناء العقلاء إنّما هو فيما إذا أحرز كون بناء العقلاء بمرأى ومسمع من المعصومين عليهمالسلام ولم يحرز رجوع الناس إلى صناعة اللغة في زمن الأئمة عليهمالسلام بحيث كان الرجوع إليهم كالرجوع إلى الطبيب. (١)
مندفعة أوّلا : بمنع لزوم إحراز كون جميع الموارد والمصاديق من البناء بمرأى ومسمع من المعصومين عليهمالسلام بعد إحراز البناء الكلي من العقلاء على رجوع الجاهل إلى العالم في الامور من دون فرق بينها فإنّ عدم الردع عن هذا الكلي المستفاد من بنائهم في الموارد المختلفة يكفي في جواز رجوع الجاهل إلى العالم مطلقا وإلّا فلا يجوز الاعتماد إلى الخبراء في كثير من الصنائع الحديثة وهو كما ترى. ودعوى أنّ القدر المتيقّن صورة حصول الوثوق الشخصي أو كون الامور من الامور الحسّية كما في تحريرات في الاصول (٢) ممنوعة اذ البناء ثابت على رجوع الجاهل إلى العالم ولو لم يوجب قوله وثوقا شخصيا أو لم يكن رأيه مبنيا على الامور الحسّيّة.
وثانيا : بمنع عدم ثبوت رجوع الناس إلى مهرة اللغة في صدر الإسلام بل قبله مع شيوع الاستعمالات اللغويّة وتبادل الأدبيات بين الجوامع ووجود الحاجة في فهم اللغات والتراكيب المختلفة وإن لم تكن كتب اللغة مدوّنة إلّا في زمن الإمام الصادق عليهالسلام ككتاب خليل بن احمد الفراهي الذى عدّه الشيخ من اصحاب الامام الصادق عليهالسلام والإمام الجواد عليهالسلام وكتاب جمهرة الذي ألفه ابن دريد وهو كان من أصحاب الإمام الجواد عليهالسلام هذا.
وثالثا : بأن الرجوع إلى الكتب المؤلفة في اللغة في زمان بعض الأئمة عليهمالسلام يكفي في إحراز رجوع الناس إلى صناعة اللغة.
فتحصل أنّ الرجوع إلى اللغوييّن من باب الرجوع إلى الخبراء وعليه فيمكن الاعتماد على قولهم في تعيين موارد الاستعمال بل لا يبعد القول بجواز الاعتماد عليهم في بيان المعاني
__________________
(١) تهذيب الاصول : ٢ / ٩٧.
(٢) تحريرات في الاصول : ٦ / ٣٤٧.