الانسداد ، وهي فيما اذا ثبت التكليف ولم ينحل العلم الاجمالي ولم يمكن الاحتياط عقلا كصورة استلزام الاحتياط باختلال النظام أو شرعا كصورة استلزام الاحتياط للعسر والحرج ، وإلّا فمع الانحلال أو إمكان الاحتياط فلا تصل النوبة الى الدوران بين ترجيح الراجح وترجيح المرجوح ؛ لأنّ اللازم عليه أن يعمل بموارد الانحلال أو يعمل بالاحتياط في جميع الاطراف لقاعدة الاشتغال.
وبالجملة فاثبات الصغرى يحتاج الى تمامية مقدمات الانسداد ، وهو خارج عن هذا المقام ؛ لأنّ محل البحث هو ملاحظة الدليل لاثبات حجية الظن من دون الاختصاص بحال الانسداد.
ولقد أفاد وأجاد شيخنا الأعظم قدسسره حيث قال في مقام تحليل الجواب وتوضيحه : أن تسليم القبيح فيما اذا كان التكليف وغرض الشارع متعلقا بالواقع ولم يمكن الاحتياط ، فانّ العقل قاطع بأنّ الغرض إذا تعلق بالذهاب الى بغداد وتردد الأمر بين الطرفين أحدهما مظنون الايصال والآخر موهومه فترجيح الموهوم قبيح ؛ لأنّه نقض للغرض.
وأمّا إذا لم يتعلق التكليف بالواقع أو تعلق به مع إمكان الاحتياط فلا يجب الأخذ بالراجح بل اللازم في الأول هو الأخذ بمقتضى البراءة وفي الثاني الأخذ بمقتضى الاحتياط ، فاثبات القبح موقوف على ابطال الرجوع الى البراءة في موارد الظن وعدم وجوب الاحتياط فيها ، ومعلوم أنّ العقل قاض حينئذ يقبح ترجيح المرجوح بل ترك ترجيح الراجح ، فلا بد من ارجاع هذا الدليل الى دليل الانسداد الآتي المركب من بقاء التكليف وعدم جواز الرجوع الى البراءة وعدم لزوم الاحتياط وغير ذلك من المقدمات التي لا يتردد الأمر بين الأخذ بالراجح والأخذ بالمرجوح إلّا بعد ابطالها. (١)
وتبعه في الكفاية حيث قال : لا يكاد يلزم من عدم الأخذ بالظن ترجيح المرجوح على الراجح إلّا فيما اذا كان الأخذ بالظن أو بطرفه لازما مع عدم امكان الجمع بينهما عقلا وعدم
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ١١١.