وثالثا : أنّ دعوى الملازمة العادية بين الاجماع وقول المعصوم عليهالسلام بدعوى أنّ العادة تحكم بأنّ اتفاق المرءوسين على أمر لا ينفك عن رأي الرئيس إنّما تتم فيما إذا كان المرءوسون ملازمين لمحضر رئيسهم ، وأنّى ذلك في زمان الغيبة؟!
نعم الملازمة الاتفاقية بمعنى كون الاتفاق كاشفا عن قول المعصوم أحيانا من باب الاتفاق مما لا سبيل إلى إنكارها ، إلّا أنّه لا يثبت بها حجيّة الإجماع بنحو الإطلاق. (١)
ويمكن الجواب عنه بأنّ إجماع الفقهاء المعاصرين لعصر الغيبة الصغرى بل بعدها بقليل مما يوجب الكشف عن كون الحكم إجماعيا عند أصحاب الأئمة عليهمالسلام أيضا ، فالملازمة المذكورة حاصلة في هذا الفرض ، وأمّا في فرض عدم اتصال إجماع العلماء بإجماع الاصحاب فالإجماع يكشف عن النص فيما إذا كان الحكم مخالفا للقواعد والاصول ، ولا موجب لاعتبار ملازمة المرءوسين للحضور عند الرئيس في هذا الفرض ، كما لا يخفى.
ورابعا : أنّ غاية ما يقتضيه الإجماع على التقريب المذكور أنّ الفقهاء لعدالتهم لا يفتون بدون المستند ، وأمّا أنّه تامّ سندا ودلالة فلا دليل له ، بل يمكن أن يكون عندنا غير تام من جهتين. (٢)
واجيب عنه بأنّ اتفاق الأصحاب مع اختلاف مشاربهم يكفي في إحراز أنّ السند تام والدلالة ظاهرة ، قال في تحريرات في الاصول : فالمناقشة في هذا المسلك تارة باختلاف نظر المجمعين مع غيرهم في حجيّة السند ، وأخرى بأن من المحتمل كون الخبر غير تام الدلالة ، قابلة للدفع ؛ ضرورة أنّ من اتفاقهم في الحكم يتبيّن أنّ السند مورد وثاقتهم الخاصّة ، ومن اتفاق القدماء وأرباب الحديث الأوّلين الذين هم لا يعملون الاجتهادات الدقيقة في فتاويهم يحصل الوثوق والاطمينان بأنّ الخبر الموجود عندهم ظاهر (٣) ولكن الانصاف : أنّ حصول الاطمينان بتمامية الدليل سندا ودلالة عندنا مشكل بعد ما رأينا من وقوع الخلاف بين المتأخرين والمتقدمين في مسألة منزوحات البئر.
__________________
(١) راجع مصباح الاصول ٢ : ١٤٠.
(٢) نهاية الدراية ٢ : ٦٨.
(٣) تحريرات في الاصول ٦ ، ٣٦٠.