وأما دعوى أنّ الإقدام على الضرر الدنيوي يعد سفاهة عند العقلاء فيجب الاجتناب عنه فهي مندفعة بأن السفاهة فيما إذا لم يكن غرض عقلائي هذا مضافا إلى ما في مصباح الاصول من أن العقل غير مستقل بقبح الإقدام الملازم لاستحقاق العقاب ليكون حراما شرعيا وإلّا لزم كون كل فعل سفهي حراما شرعا وهذا مما نقطع بخلافه. (١)
فتحصّل انّ قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل لا تجري مع جريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان لحكومتها عليها هذا فيما إذا أريد من الضرر العقوبة الأخروية وأما إذا أريد من الضرر غير العقاب الأخروي من المضار الدنيوية فقاعدة قبح العقاب بلا بيان لا تجري لاختصاصها بالعقوبة الأخروية فلا حاكم حينئذ بالنسبة إلى قاعدة وجوب دفع الضرر ولكنها لا تفيد بعد عدم وجوب الاحتياط في الشبهات الموضوعية فإنّ ذلك يكشف عن عدم وجوب دفع الضرر الدنيوي أو يكشف عن ورود الترخيص الشرعي هذا مضافا إلى منع الملازمة بين الشبهة التحريمية والضرر ثم إن قاعدة قبح الإقدام على ما لا يؤمن مفسدته غير ثابتة كما ليس الإقدام على الضرر الدنيوي مع وجود غرض عقلائي سفاهة وعلى تقدير السفاهة لا يكون محرما.
__________________
(١) مصباح الاصول ٢ : ٢٨٧.